مراحل لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني
صدر في العام 2005 قرار عن الحكومة اللبنانية بإنشاء لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني التي وجدت نفسها أمام تحدّي الإمساك بملف بالغ التعقيد والتشعب والحساسية، خصوصاً لجهة تشابكاته على المستويات التشريعية والتنفيذية أو الإجرائية والأمنية المزمنة. تبع هذا القرار إعادة افتتاح منظمة التحرير مكتبها في بيروت في 15 أيار من العام 2006، ثم ارتفع مستوى التمثيل الفلسطيني في لبنان إلى مستوى السفارة في العام 2008.
لم يكن هذا التطور في العلاقات ليحدث بمحض الصدفة، بل سبقته العديد من المحطات التي أكّدت دخول العلاقات اللبنانية الفلسطينية بين الدولتين والشعبين في منحى جديد.
ما يتوجّب ذكره أنّ اللجنة منذ انطلاقتها باعتبارها هيئة رسمية مرتبطة برئاسة الحكومة، عملت على بناء مجموعة من العلاقات مع الجهات الدولية المعنية، ومثلها على الصعيد الرسمي السياسي والإداري، وعلى صعيد المجتمع المدني، ومع الوزراء المعنيين. شكّلت فريق عمل وعقدت سلسلة اجتماعات مع خبراء لبنانيين وفلسطينيين. وخلالها، خاضت في حوارات مثمرة مع الإدارات اللبنانية من جهة، والسفارة والفصائل الفلسطينية من جهة ثانية. وانطلقت اللجنة في الأساس من العمل على مبدأ الاحترام الكامل لسيادة الدولة اللبنانية وأمنها وقوانينها ودعم حقوق اللاجئين الفلسطينيين، وأبرزها حق العودة وتأمين العيش اللائق لهم، حتى الحلّ العادل والشامل، مع التركيز على مواصلة المجتمع الدولي لتحمُّل مسؤولياته السياسية والاخلاقية.
واكبت اللجنة انعقاد هيئة الحوار الوطني ومقرّراتها ووضعت في رأس جدول أولويّاتها الشّروع في عملية إعمار مخيم نهر البارد في أعقاب دماره، كما شرعت في مبادرة تحسين أوضاع المخيمات في مرحلتيه الأولى والثانية، ونجحت في ترتيب أوضاع فئة فاقدي الأوراق الثبوتية والمساهمة في تعديل قانوني العمل والضّمان. وفي غضون هذه المرحلة، انفجرت الأزمة في سورية وقذفت بعشرات الألوف من اللاجئين الفلسطينيين من مخيّماتها إلى لبنان، ما دعا اللجنة إلى التّحرك مع الأجهزة الرسمية ومنظّمات المجتمع المدني اللبنانية والفلسطينية والمنظمات الدولية لمواجهة الوضع. كما حافظت اللجنة على وتيرة اهتمامها بملف نهر البارد وأنجزت عدّة مشاريع قوانين ودراسات وكتيّبات توجيهية ووضعت خطّتها على المديين المتوسط والبعيد.
والأبرز مؤخرّاً يتمثّل في تفعيل عمل الاحزاب والتيارات اللبنانية الرئيسية من خلال تأسيس “مجموعة العمل اللبنانية حول قضايا اللاجئين الفلسطينيين” التي مهّد لها رئيس لجنة الحوار الدّكتور حسن منيمنة باتصالات مكثّفة مع القيادات السياسية، وأطلقها رئيس الحكومة تمّام سلام من السّراي الحكومي.
رغم تلك الإنجازات السابقة لمشروع “التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان”، تحضُر ثغرات عديدة، قد يعود بعضها إلى تواضع إمكانات اللجنة الذاتية، وبعضها الآخر إلى تداخل مستويات الأزمة مثل تراجع تمويل وكالة الاونروا، وتدفّق مئات ألوف النّازحين من سوريا واحتلالهم مركز الأولوية لدى الدول المانحة والمنظمات الدولية والدولة اللبنانية، وتعثُّر العمل التشريعي والإجرائي البرلماني والحكومي ردحاً من الزمن وغيرها.