مقال جسور
الرئيس سليمان: تجاذب المصالح والمحاور سبب لعدم سحب السلاح الفلسطيني

* الرئيس السباق ميشال سليمان
يتخوّف رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال سليمان من أن يؤدي فشل الدولة اللبنانية وانهيارها إلى اقتلاع الفكرة الوطنية، في ظل وجود من يعمل من أجل دويلاته الخاصة. ويعتبر في لقاء مع “جسور” أن “لا حل لموضوع المخيمات الا من خلال عقد اجتماعي يليه تنظيم قانوني رسمي. على أن يسبق ذلك تفاهم بين الفصائل الفلسطينية على تشكيل مرجعية واحدة تتعامل معها الدولة فتتوصلان معاً إلى حل أمني.
يجزم الرئيس سليمان أن لبنان لم يفقد استقلاله. ويقول: “قال رياض الصلح في البيان الوزاري لحكومته عام 1946 لقد أنشأنا الدولة وبقي علينا إنشاء الوطن. لقد تمّ بناء الدولة بكل مقوّماتها من وضع دستور واقرار قوانين وتحديد للصلاحيات والامتيازات والحقوق والواجبات والميثاق الوطني”. لكن، ويا للأسف تعرّضت الدولة وما زالت تتعرّض لمنافسات الدويلات، فلسطينية ولبنانية.
أضاف: “على الرغم من ذلك أشعر أن الوطن بخير واستقلاله موجود، وفكرة الوطن ومفهومه أصبحا أكثر قوة. فقد حسمت مقدمة الدستور إشكالية عروبة لبنان ونهائية كيانه، وأكد لبنان على مرّ السنوات أنه عربي الانتماء أكثر من كل العرب. لقد قيل إن دخول سوريا كان لحماية المسيحيين وأن خروجها سينهي وجودهم وتزعزع نظامها سيؤدي إلى انهيار لبنان. كما قيل إن عدم انتخاب رئيس للجمهورية سيقسّم البلد. منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري وانسحاب سوريا وظهور “داعش” ترسّخت الفكرة الوطنية أكثر مما كانت عليه، وتتنافس الطوائف على الوطنية وتمنع إضعاف الكيان وانهياره. ولا ننسى أن لبنان ظل سنتين ونصف السنة من دون رئيس للجمهورية، وقبلها وقعت حرب تموز وغيرها من أحداث مفصلية برهن خلالها الشعب اللبناني أن لبنان وطنه النهائي.
اتكلم هنا عن شعب لبنان وليس عن إدارته السياسية التي تمارسها الطبقة التي تستخدم الطائفية مطية لتعزيز حضورها. والخوف أن يؤدي فشل الدولة البنانية وانهيارها إلى سقوط الفكرة الوطنية”.
الأحداث الأمنية في المخيمات والسلاح
يعتبر الرئيس سليمان المخيمات الفلسطينية صورة مصغّرة عن الوضعين العربي والاقليمي ومحاورهما وتجاذب الفصائل يؤدي الى الصراع داخلها ،وهذا ما أدى إلى عدم تنفيذ القرار بسحب السلاح الفلسطيني.
أما المبادرة التي طرحها الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال زيارته لبنان حين كنت رئيساً للجمهورية، والتي دعت الى تسليم السلاح الفلسطيني إلى الدولة اللبنانية، فلم تستطع السلطة الفلسطينية تحقيقها بسبب الانقسام والتجاذب بين الفصائل. ما يحدث في المخيمات هو نفسه ما يحدث في غزة. لسنا نحن السبب في عدم تحقيق هذه المبادرة، وأنا على اقتناع بضرورة تحقيق عقد اجتماعي يليه تنظيم قانوني رسمي والتوصل إلى حل أمني”.
وتابع الرئيس سليمان: “نحن كمسؤولين لبنانيين وافقنا على التعاون وتنظيم الوضع الأمني داخل المخيمات وهو أمر واقع موجود ونتعامل معه، الاّ أن الفلسطينيين لم يكن لديهم مرجعية مسؤولة واحدة موحّدة لكي نتعامل معها. وقد باشرنا علاج الوضع الاجتماعي والمعيشي للمخيمات، لكن الأحداث بما فيها ما شهدته سوريا وما يعانيه لبنان اقتصادياً وتراجع النمو وتقلّص فرص العمل التي طرأت، جرفت كل شيء في طريقها. فكيف يمكن، في ظل مثل هذه الاوضاع الأقرب إلى الكارثة، أن تعمل على تحسين الأوضاع في المخيمات الفلسطينية على صعيد العمل وسواه فيما اللبنانيون يعانون من إنهيار اقتصادهم؟”.
الجيش وعِبر معركة نهر البارد
الجيش وعِبر معركة نهر البارد
يعتقد الرئيس سليمان أنه كما حدث بالنسبة الى اتفاق الطائف واعلان بعبدا، يحدث اليوم الأمر نفسه. لا شيء يجد طريقه الى التنفيذ. ويسأل: “أين تنفيذ اعلان بعبدا والاستراتيجية الدفاعية وتشكيل هيئة إلغاء الطائفية السياسية وإقرار قانون انتخاب نسبي، غير القانون الذي تمّ التوافق عليه مؤخراً والذي هو قانون طائفي بامتياز؟ أين تنفيذ إنشاء مجلس للشيوخ واستقلال القضاء ولبنان مركز لحوار الأديان …؟ كيف نحصل على هذا المركز وهناك من يحارب لصالح طائفة معينة، ولبلد غير لبنان؟
ما يطلبه رئيس الجمهورية اليوم طلبته قبله، وطلبه قبلي الرئيس أمين الجميل. لكن ليس لدينا القدرة على تحقيقه. أما بالنسبة إلى الجيش والخطة الأمنية للمخيمات والبلد، فأقول إن العائق يتمثل في التجاذبات السياسية المستمرة. أقول هذا من دون أن أنسى إنجازات الجيش، فكل اللبنانيين والفلسطينيين وقفوا معه ضد المجموعة الارهابية التي كانت تؤسس لداعش ولقيام إمارة اسلامية في نهر البارد.
لذا أرى أنه يجب إيجاد ترتيب أمني داخل المخيمات مرتبط بالدولة اللبنانية وله نظام معيّن وموحّد، مسبوقاً بتوحيد المرجعية الفلسطينية وراء منظمة التحرير كونها الأكثر تمثيلاً كطريق نحو العقد الاجتماعي مع الفلسطينيين، ما يؤدي الى تحقيق حقوقهم في العمل والتملّك وغير ذلك. إذن كل الأمور مرتبطة بحسّ التعاون وحسن العلاقة”.
ماذا حدث في مخيم وميّة؟
يستغرب الرئيس سليمان مغادرة مفتعل المشاكل جمال سليمان إلى الخارج. ويسأل: “كيف يمكن أن نسهِّل الأمور في المخيمات في ظل هذا الوضع؟. نحن نتخوّف دوماً من تكرار أزمة البارد طالما أنّ هناك أيادي خفيّة غريبة تحرّض وتدفع بعض الفلسطينيين الى تصرفات سيئة تجاه شعبهم وتجاهاللبنانيين.
العِبَر كثيرة من أزمة البارد، أولها زوال ما كان يعتقده بعض الإرهابيين من أن السنّة سيقفون إلى جانبهم. لكنّ اللبنانيين، حكومة وشعباً، كانوا موحّدين مع جيشهم، وتأكد تالياً أن إرساء الأمن وتطبيق القانون مفيد للدولة والمجتمعين اللبناني والفلسطيني في أمنهم وحياتهم. وأن قضية فلسطين يجب أن تعود قضية عربية محضة و يجب أن يتوحّد العرب حولها. فمن يحب فلسطين يجب أن يساعد في عودتها، لا بل في استعادتها قضية العرب”.
ينفي الرئيس سليمان احتمال حصول حرب استباقية اسرائيلية على “حزب الله”. “بالطبع، أي ضربة للبنان ستكلفنا الكثير. الكل يراهن على الورقة السورية وقيام حرب اسرائيلية بوجود دول كبرى مثل اميركا وروسيا وايران وتركيا، لكنها لن تكون لمصلحة أحد. هناك تحضيرات للأوراق على الطاولة. وللأسف فاننا كلبنانيين غير جاهزين وليس لدينا أيّ ورقة على الطاولة نقدمها. فأين تحييد لبنان؟ وأين ترسيم الحدود؟ ومتى عودة السوريين؟ ما هي مطالبنا؟ اسرائيل تطرح مطالبها وكذلك ايران وروسيا واميركا. كل الأطراف لديها مطالب، لكن أين مطالب لبنان؟ أين ورقتنا؟ أين لبنان في هذا الحل؟”.
ينفي الرئيس سليمان احتمال حصول حرب استباقية اسرائيلية على “حزب الله”. “بالطبع، أي ضربة للبنان ستكلفنا الكثير. الكل يراهن على الورقة السورية وقيام حرب اسرائيلية بوجود دول كبرى مثل اميركا وروسيا وايران وتركيا، لكنها لن تكون لمصلحة أحد. هناك تحضيرات للأوراق على الطاولة. وللأسف فاننا كلبنانيين غير جاهزين وليس لدينا أيّ ورقة على الطاولة نقدمها. فأين تحييد لبنان؟ وأين ترسيم الحدود؟ ومتى عودة السوريين؟ ما هي مطالبنا؟ اسرائيل تطرح مطالبها وكذلك ايران وروسيا واميركا. كل الأطراف لديها مطالب، لكن أين مطالب لبنان؟ أين ورقتنا؟ أين لبنان في هذا الحل؟”.
ويؤكد الرئيس سليمان أنه “في جميع الأحوال، سيكون الحل لمصلحة اسرائيل. لقد سبق ووجهتُ رسالة كرئيس للجمهورية إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون هي بمثابة موقف لبنان في حال حصول أي حلّ دولي لأزمة سوريا”.
التوطين وعودة الهاجس
التوطين وعودة الهاجس
يصف الرئيس سليمان هاجس التوطين بأنه قائم لأن ً لا أحد يريد إعادة اللاجئين الفلسطينيين الى وطنهم. نحن نخشى التوطين، لكن وحده المجتمع الدولي قادر على توفير الحلول العادلة وسيكون ذلك عبر حلّ الدولتين. لبنان لم ولن يقبل التوطين. الفلسطينيون موجودون ولا نستطيع ان نحرمهم حقوقهم الانسانية، أونمنعهم من تحسين أوضاعهم الاجتماعية، وهذا أمر يريح اللبنانيين أصلاً.
لا يمكن للبنان أن يتحمل عمليات توطين متعاقبة، لان ذلك يضرب صيغته ونموذجه الذي تعزًّز رغم كل الأحداث ومصائب السنوات الاخيرة. يجب تأمين حلّ الدولتين وعودة الفلسطينيين إلى الضفة أو غزّة.
لبنان لم يعد يستطيع تحمل الكثافة السكانية وهو قد ينفجر يوماً ما. ما هي الموارد التي يمكننا تأمينها للاجئين الفلسطينيين الذين أصبحوا أكثر تعلّماً، علماً انهيجب توفير فرص عمل لائقة لهم؟ هناك نسبة بطالة كبيرة في لبنان، هذا أمر صعب في ظل أوضاعه وتقلّص فرص العمل فيه، وللجميع من دون استثناء. إن تحسين ظروف الفلسطينيين أمر لا علاقة له بالتوطين، بل واجب تفرضه القوانين الدولية والإنسانية.