مقال جسور

السلام المقرون بالحقوق مصلحة حيوية للبنان

السلام المقرون بالحقوق مصلحة حيوية للبنان
* وزير لبناني سابق 

أكتب عن القضية الفلسطينية وتنتابني خوالج متناقضة: أأكتب من قعر الظلم الذي وقع على شعب لجرم لم يقترفه؟ أم من باب التضامن الإنساني والعربي الواسع، أو من مشاعري كلبنانيّ تجاه القضية وتضامني معها، وعذاباتنا وخجلنا مع العالم من وضع اللاجئين؟ إنها القضية التي لا تذهب إلى النسيان.

 
أود أن أكون مفيداً من باب مصلحتنا المشتركة في العودة بالشروط المقبولة وباب التقدم في تحسين الإقامة.
 
بدايةً، ما تفعله لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني من مقاربة رصينة لهذا الموضوع الصعب تشكل،عبر منشوراتها ونشاطاتها ومؤتمراتها، Corpus مهماً من الأبحاث والمنشورات ومنطلقاً للسياسات الممكنة.
 
لا بد أيضاً من تقدير ما تبذله السلطة والقوى الفلسطينية من تعاون مع الدولة تأميناً لأمن المخيمات، وعدم التدخل في الشؤون السياسية اللبنانية، و ضمان عدم استعمال المخيمات كمراكز لأي نشاط مضر بالعلاقات الدولية.
 
كما أتوقف بإيجابية عند الترحيب الخاص بزيارة البطريرك الراعي لرئيس السلطة في فلسطين، والعلاقات الجيدة التي نسجتها السلطة الفلسطينية مع الجهات السياسية وخاصةً الأحزاب المسيحية مثل القوات اللبنانية والكتائب. 
 
يتشعب الموضوع اللبناني – الفلسطيني من تضامن عربي ومصلحة في تأمين العودة وموقع على حدود فلسطين كما موضوع المخيمات. 
 
الموضوع الإقتصادي الإجتماعي المتعلق بوجود فلسطينيي لبنان مهم؛ أنا مع التقدم في هذا المجال بقدر ما نتقدم بالسعي للحفاظ على حق العودة ؛يمكن الإستيحاء من قانون الرقبة والملكية في هذا الموضوع، أي أن هنالك حقوقاً غير سيادية يمكن التفاوض حولها، وأخرى سيادية محصورة باللبنانيين فقط؛ إلا أن الفكرة الأهم هي أن الحساسيات في لبنان تجاه الحقوق المدنية للفلسطينيين في لبنان تختلف جغرافياً، لذا قد يجري حل أفضل لهذا الموضوع في إطار مركزي طبعاً ولا مركزي أيضاً: مثلاً، موضوع وثائق السفر هو مركزي، ولكن موضوع التملك والعمل، وهو أصلاً متعلـّق بالموقع قد يكون أنسب تقريره من قبل السلطة المحلية من ضمن اللامركزية القادمة إلى لبنان.
 
لبنانياً،لا يغيب الموضوع الفلسطيني بكل تعقيداته؛ وجوده على حدود فلسطين وإسرائيل يجلب دائماً عليه، شاء أم أبى، إعتداءات، وإبعاد إسرائيل اللاجئين إليه، وقيام حركات مسلحة تريد التحرير عبر حدوده، وينتهي بها الأمر إلى بناء دولة ضمن دولة، تحت راية الدفاع عن القضية أو عن النفس، وبحجة أن الدولة اللبنانية ليس لها قدرة عسكرية وسياسية على إتخاذ قرار المواجهة. لذا السلام المقرون بالحقوق مصلحة حيوية له.
 
منذ هزيمة 1967 وخاصة بعد حرب 1973، اتجه العرب إلى وضع موضوع تحرير الأراضي المحتلة والقضية الفلسطينية مع الغرب لحلها؛ مع اتفاقات وقف النار والإنسحابات الأولى لإسرائيل وخاصة مع كامب دايفيد وحرب 1982 في لبنان، بدأ الإتكال الفلسطيني على مفاوضة الغرب المباشرة، وصولاً إلى أوسلو والعودة الأولى إلى فلسطين بعد النكبة؛ في مفاوضته مع إسرائيل، توصل الرئيس عرفات إلى إرغام إسرائيل على القبول بحق العودة وأُعطي لبنان ضمانات عبر مواقف علنية فلسطينية وأميركية على أيام كلينتون تقول بعودة جزء كبير من الفلسطينيين الموجودين في لبنان إلى إسرائيل.
 
دائماً كانت السعودية أكثر أهمية بالنسبة إلى الغرب؛ المملكة هي السند الأكثر فاعلية للفلسطينيين في موضوع حقوقهم، ولا بد من البناء على مواقفها، بأن لا تطبيع إلا بعد إحقاق الحقوق الفلسطينية. أزيد أن كل أشكال التفاوض مع إسرائيل، بما فيها ترسيم الحدود، يجب أن تترافق مع تأكيد حق عودة اللاجئين. 
هنا مجالات مهمة للتعاون الدبلوماسي الفلسطيني – اللبناني لتكريس حق العودة.