مقال جسور
الصور النمطيّة تطغى على المعاناة وعلى قصص الأبطال

*سفيرة النرويج في لبنان
بما أن النرويج هي أحد الشركاء الدائمين للجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني، يسعدني وجودي هنا لدعم الجهود الرامية إلى تعزيز العلاقات وتنميتها والتعاون بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والمجتمعات اللبنانية المضيفة.
ليس من السهل تغيير مفاهيم طاولت مجموعة من الناس، وقد تمّت تغذيتها بشكل منهجي، والتلاعب بها، وإدامتها خلال فترة طويلة من سنوات الحرب الأهلية والتشريد. فذكريات الماضي المضطرب ما زالت تطارد اللبنانيين كما اللاجئين الفلسطينيين في لبنان على حدّ سواء. ومع تكرار جهود المصالحة وإقامة الحدود المادية والتخيلية بين الشعبين، من المفهوم كيف أصبح من الصعب على المرء أن يرى نفسه في “الآخر”؛ وأن يرى الإنسان في هذا “الآخر”. كما أن ما ترتكبه وسائل الاعلام من بث الصور والقصص السلبية عن الفلسطينيين في لبنان، أمر لا يساعد أياً من الجهتين على تجاوز الصعاب: فالحديث عن غياب القانون، وانتشار العنف، والصور النمطيّة، يطغى على المعاناة الإنسانية التي يواجهها معظم الفلسطينيين في حياتهم اليومية. مثل هذه الصور والقوالب النمطيّة تطغى أيضاً على قصص العديد من الأبطال داخل هذه المجتمعات الذين لا يزالون قادرين في ظل ظروف قاسية وغير مستقرة على تأمين وجبة أساسية لأسرهم، أو النجاح في الامتحانات المدرسية في مختلف المراحل التعليمية.
لقد حان الوقت لأن نمتلك الشجاعة للانفتاح على “الآخر” ومعرفته على المستوى الإنساني. وإنني على ثقة من أن مثل هذا التوجه سيؤدي إلى تحطيم كل التصوّرات الخاطئة من المخاوف التي تشكل كبحاً لحياة الفلسطينيين ومعيشتهم في لبنان. يشرّفني أيضاً أن أمثّل دولة دعمت قدرة لبنان الرائعة على استضافة مجتمعه للاجئين لأكثر من 70 عاماً. وكلنا أمل في أن النرويج، من خلال دعمها لرؤية لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني، بما في ذلك التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمّعات الفلسطينية في لبنان الذي أجري العام الماضي 2017، ستستطيع الاستمرار في لعب دور بنّاء في إعادة صياغة القصص/ الخطاب حول وجود الفلسطينيين في لبنان، من اجل تأمين حياة كريمة لهم الى أن يتحقق حقهم في العودة الى بلادهم.