مقال جسور
تحية إلى فلسطين وشعبها الصامد

*رئيس لجنة الحوار اللبناني- الفلسطيني
مدهشون هولاء الفلسطينيون تحت الاحتلال والحصار أو في الدول المضيفة، وفي الشتات في أنحاء المعمورة، وخصوصاً في داخل الاراضي المحتلة في العام 48. اللاجئون المعدمون، الميسورون والاغنياء، المسلمون والمسيحيون، النساء والشباب، الصغار وكبار الأعمار. جميعهم ومن كل التلاوين والمشارب. جيل بعد جيل يسقطون مرة تلو الأخرى وللمرة الـ 73 ثم ينهضون، يقفون على جراحهم ورغم سنوات احتلال اسرائيل لأرضهم، يعملون دون كلل أوملل على تقويض مقولات اسرائيل الوهمية، بأن فلسطين ارض بلا شعب، وأنه بالإمكان أسرلة فلسطينيي الداخل، وإسقاط حق العودة وإرغام اللاجئين على التوطن في أماكن تواجدهم والخلاص من قضيتهم.
انتفاضة القدس والداخل الفلسطيني والصمود أمام الغارات الوحشية الأخيرة على غزة، اظهرت مع تحركات الخارج الفلسطيني ما وراء البحار، تمسك الفلسطيني كيفما وأينما وجد وتحت أي ظروف، تمسكه بأرضه وبحقوقه الطبيعية، حقه في وطنه وفي بناء دولته المستقلة، وفي العيش بكرامة. هذا الموقف، خصوصاً لأهل فلسطين من عرب 48، لن يكون عابراً في الوعي الاسرائيلي، التي لاشك انها صُدمت أن كل اضطهادها واحتلالها وجبروتها وعنصريتها وقهرها ورغم طول الزمن، لم ولن ينجح في تطويع الفلسطيني أينما كان، وإن الأجيال الجديدة في الداخل والمخيمات وفي الدول المضيفة وغيرها، هي أشد تمسكاً بوطنها وأرضها وحقوقها. وأن كل جيل جديد يأتي أكثر وضوحاً في عدائه لدولتها العنصرية، وإصراراً على بناء دولته المستقلة. وأن قراره هو مواجهة المحتل بكل الوسائل المتاحة، بالتظاهر والاعتصام، بالقبضة وبالطائرات الورقية، وبالنار والصاروخ رداً على ترسانة اسلحة العدو المغتصب.
لاجئو لبنان شأنهم كجميع اللاجئين الفلسطينيين خرجوا من مخيمات بؤسهم ليعلنوا، الى جانب اخوتهم في فلسطين كلها، متجاوزين الآمهم وبؤس عيشهم وفقرهم وعذاباتهم اليومية بحثاً عن لقمة العيش، وعن حقوقهم الضائعة في لبنان، عن تمسكهم ببلدهم وأرضهم وحقهم وفي مقاومة المحتل وصولاً الى إقامة دولتهم المستقلة على أرض فلسطين وعاصمتها القدس، وليؤكدوا أيضاً على تمسكهم بحق العودة ورفضهم للتوطين بكافة اشكاله ومضامينه، مسقطين وللمرة الالف كل محاولات البعض الحيلولة دون الحصول على حقوقهم الانسانية كلاجئين في لبنان تحت ذريعة التوطين. فهم ايضاً وبعد 73 سنة على وجودهم القسري في لبنان، يقولون لكل أصحاب النوايا السيئة أن وطننا هو فلسطين، وأن لبنان ليس سوى مقر مؤقت لتواجدهم.
ولذا فإن من واجبات الدولة المضيفة ومن ضمنها لبنان، تأمين الحقوق الانسانية الأساسية للاجىء الفلسطيني، فهم لن يستبدلوا وطنهم بأي وطن آخر ليس بعد 73 سنة من اللجوء بل حتى أبد الدهر.
فتحية إلى فلسطين وأهلها اينما وجدوا الذين مازالوا على العهد، بالعودة الى فلسطين مهما طال الزمن، وغلت التضحيات وتكاثرت التحديات.