مقال جسور
روبير الأسعد: موسوعة موسيقية على طريق الشهرة

يعرفه الجميع في المخيم، فهو الشاب الفنان الملحن وموزّع الموسيقىالذي يزوره مطربون كبار، مشاهير من المطربين وكاتبي الأغنيات والملحنين الذين يعملون معه في التوزيع الموسيقي لأغانيهم أم في تلحينها أو حتى في كتابة كلماتها، أمثال أبناء الفنان الكبير الراحل وديع الصافي، نجوى كرم، باسكال مشعلاني، معين شريف، ناصيف زيتون، دانا الحلبي، نزار فرنسيس، جهاد حدشيتي، ملحم ابو شديد.. وغيرهم.
في مخيم ضبية الذي تخلو جدرانه من صور القيادات الفلسطينية أو الشهداء والجداريات والشعارات، وحيث ورود خجولة تزيّن ما يشبه عتبات المنازل، وُلد روبير الأسعد قبل 21 عاماً.
في المنزل الصغير في المخيم المكوّن من غرفتين ومطبخ صغير والذي تصله عبر أزقة متعرجة ضيقة، تفتح على منازل صغيرة سقوف معظمها من الترنيت والزينكو، خصص الوالد الغرفة الكبيرة أو “الصالون” لاستوديو مجهّز بكامل الآلات الضرورية للتوزيع الموسيقي والتي اشتراها له بالدين. بينما انتشرت الآت موسيقة أخرى كالعود والطبلة والغيتار والاورغ وغيرها على رفوف الجدران. فروبير يعزف على 13 آلة موسيقية، ونال على عزفها جوائز موسيقية عدة في صغره.
درس في المرحلة الإبتدائية في مدرسة الأونروا في المخيم والتي أقفلت في ما بعد. نقله والداه إلى مدرسة ضبية الرسمية. تنقل في 4 مدارس وكان يطرد منها بحجج مختلفة غريبة، والحجة الحقيقية المخبأة هي “لأنه فلسطيني” بحسب والديه.
سجّله والده في عمر خمس سنوات في معهد الكونسرفاتوار المعهد الموسيقي الوطني في زقاق البلاط، حيث درس الموسيقى والعزف على البيانو حتى عمر 12 سنة، تعلّم خلالها العزف على نحو 13 آلة موسيقة يفضل منها العود والطبلة بالإضافة إلى البيانو.
كان والده الذي يعمل في صيد السمك وأعمال اخرى لتأمين معيشة عائلته المكوّنة من زوجته وروبير وشقيقه الأكبر، ينتقل مع ولديه يومياً من ضبية إلى مقر المعهد في زقاق البلاط تحت الشتاء أو الشمس لتعليمهما الموسيقى. درس الشقيق الأكبر في المعهد لمدة سنتين فقط، ليتفرّغ بعدها لجني الرزق اليومي في صيد وتنظيف السمك في سوق السمك، تاركاً لشقيقه الاصغر متابعة الحرفة الموسيقية.
في عمر 6 سنوات، تقدم روبير إلى برنامج “نجوم صغار في “اذاعة الجرس” ونال الجائزة الأولى. وفي عمر 8 سنوات تقدم باسم فلسطين إلى برنامج الهواة في قناة أبو ظبي ( (MBCالأولى، وكان عبدالله رويشد في لجنة الحكم، فنال الجائزة الأولى على المشاركين من ثماني دول عربية. وفي عمر 13 سنة فاز بالمرتبة الأولى في الموسم الثاني من برنامج مواهب الاطفال “تالنت تين” Talenteen على شاشة الـotv في موسمه للعام 2012 وفاز بالمرتبة الأولى من دون اعلان اسمه، اذ تفاجأ المسؤولون عن البرنامج بأنه يحمل “وثيقة لاجىء فلسطيني”، فقدّموا له مكافأة، هي عبارة عن مجسّم صغير لما يشبه النوتة الموسيقية.
حالت الأوضاع الاقتصادية للعائلة دون إكمال روبير لتحصيله العلمي، كما حالت دون شهرته في المجال الفني الذي يتطلّب وجود مدير أعمال ومال ووساطات.. قرر والده إخراجه من المدرسة والتفرّغ لصقل موهبته والعمل على توسيع قاعدة انتشاره. انكب روبير على توزيع الموسيقى، وكانت أول توزيعاته للفنانين مادونا وابراهيم الصافي، نجل الفنان الكبير وديع الصافي، وجاكلين (جاكو) وغيرهم. وفي حلم الوالد إستعادة ألق فرقة “الليالي الموسيقية” التي أسسسها جد روبير، راجي فؤاد الأسعد، معه ومع شقيقه. جالت الفرقة في العاصمة والمناطق اللبنانية خلال السنوات الأولى من الثمانينات تقدم موسيقى الطرب الأصيل. فقد كان الجد الراحل الذي هُجّر من قرية البصة في فلسطين وهو في عمر 13 سنة، يعمل في عصر الزيتون وتعلّم العزف على العود بواسطة “السمع”.
في رصيد روبير اليوم الكثير من الأغاني في الأسواق، منها مؤخراً للفنانة باسكال مشعلاني، وهو يحضّر مع الفنان وائل كفوري لأغنية لمناسبة العيد الكبير. غير أن اسمه كموزّع موسيقى وملحن دائماً ما يأتي في أسفل أسماء المساهمين في العمل الفني.. وهو يعمل جاهداً لتحقيق حلمه بأن يصبح هذا الإسم في الصدارة.