مقال جسور
كلمة رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني في اجتماع اللجنة الاستشارية في عمّان

“الأونروا” ليست مجرد وكالة إنسانية ولنعمل جاهدين لتمكينها والمنتفعين منها
عقدت في العاصمة الأردنية، عمان، يومي 14 و 15 تشرين الثاني (نوفمير) 2022، اجتماعات اللجنة الاستشارية لـ “الأونروا” بمشاركة هيئات دولية والدول المانحة والدول العربية المضيفة. وألقى رئيس اللجنة الاسشارية للأونروا، رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الدكتور باسل الحسن كلمة في الجلسة الافتتاحية، جاء فيها:
أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،
السيد المفوض العام،
أعضاء اللجنة الاستشارية الموقرون،
مرحبا بكم في الاجتماع الثاني للجنة الاستشارية للعام 2022. أود أن أبدأ بشكر الدول الأعضاء على إتاحة الفرصة للبنان لتمديد ولايتنا بشكل استثنائي كرئيس للجنة الاستشارية إلى جانب المملكة المتحدة كنائب للرئيس. وقد أخذنا هذه الولاية كفرصة للتطلع نحو مستقبل الأونروا واللجنة الاستشارية.
نحن نسعى جاهدين لبناء مستقبل يسمح لنا بتجاوز التصنيف البسيط لأنفسنا كأطراف متميزة لشراكة ثلاثية: المضيفون أو المانحون أو الأونروا.
بدلا من ذلك، نسعى إلى تعزيز هذا البرنامج لخلق ديناميكية متناغمة لقيادة الدول الأعضاء من أجل تمكين الوكالة والمنتفعين منها، لاجئي فلسطين.
وتحقيقا لهذه الغاية، فإننا نشيد بالتقدم والاستثمار الذي تم إحرازه حتى الآن، من قبل الفريق العامل المخصص لتعزيز اللجنة الاستشارية،
ومن قبل الأعضاء الذين يسعون إلى زيادة تمويل التبرعات المقررة للأونروا في الجمعية العامة للأمم المتحدة،
ومن قبل أولئك الذين يمولون ويدعمون الدراسات والخبراء الذين يفكرون بكيفية تعزيز المشورة الاستراتيجية بشأن طريقة للمضي قدما للمحافظة على ولاية الوكالة من خلال أزمتها المالية.
إن حجم هذه الجهود يظهر التزام الأعضاء بالعمل على مستقبل الأونروا في ظل ظروف صعبة،
وبما يتماشى مع التزام المجتمع الدولي بولاية الأونروا الذي أكدته الجمعية العامة بتجديدها.
ومع ذلك، أيها الشركاء الأعزاء، فإنه إذا ما أريد لهذه الجهود أن تؤتي ثمارها حقا، فنحن بحاجة إلى القيام بهذا الجهد معا.

أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،
إنني أحث الدول الأعضاء الحاضرة هنا اليوم على اتخاذ القدر الكامل للإمكانات التي يحملها هذا المنبر هنا، اللجنة الاستشارية، للتغلب على العقبات السياسية وبناء رؤية مشتركة لمستقبل الأونروا ولاجئي فلسطين في الشرق الأدنى.
ومن أجل تفعيل هذه العملية من بناء رؤية مشتركة، نحتاج جميعا إلى مواجهة تحيزاتنا وأوجه قصورنا وما الذي يجعل قيمتنا المضافة على هذه الطاولة.
هنالك ما لا يقل عن خمس وعشرين دولة مانحة أعضاء في هذه اللجنة الاستشارية. وإنني أحثهم، في تبرعاتهم السخية والنشطة، على تكثيف وصقل اتصالاتهم مع مجتمعات لاجئي فلسطين والحكومات المضيفة لهم، بروح من الانفتاح والصدق والصداقة.
وإلى زملائنا الدول المضيفة أقول: من الضروري أن نعمل على التحول بين كوننا مجموعة ترفض المبادرات إلى أن نكون مجموعة تتخذ مبادرات.
وحيث أننا نعمل حاليا على تطوير منصة اجتماعات البلدان المضيفة، فإننا سنواصل كما فعلنا في اجتماعنا الأخير في القاهرة، إعادة تقييم كيفية عملنا كحكومات مضيفة وكيف يمكننا الاستجابة على أفضل وجه للتحديات في هذه الحقبة التحويلية لمنطقتنا.
وكما هو الحال دائما، فإنني أتقدم بخالص الشكر للأونروا على جمعنا جميعا هنا اليوم.
وأشيد بموظفي الوكالة على عملهم النبيل في مواجهة ظروف بالغة الصعوبة.
السيد المفوض العام، إننا نطلب منكم الاستمرار، على الرغم من هذه الصعوبات، في إشراك المضيفين والمانحين في مشاورات مفتوحة وصادقة وشاملة حول التخطيط الاستراتيجي للأونروا وصنع القرار.
وكما قلتم أمام اللجنة الاستشارية في بيروت في حزيران الماضي، فإن ولاية الأونروا هي مسؤولية جماعية.
أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،
إننا نرى أربعة أسس تمكننا من معالجة هذه المسؤولية الجماعية في مواجهة التحديات التي تواجه الأونروا وشركائها.
أولا وقبل كل شيء، أساس الثقة في بعضنا البعض. مثل هذا الأساس من الثقة يعني الالتزام بحوار مفتوح وصادق وغالبا ما يكون حوارا صعبا.
ثانيا، الاعتقاد المشترك بأن جميع الدول الممثلة هنا اليوم ملتزمة بضمان مستقبل أفضل للاجئي فلسطين.
ثالثا، مراعاة واحترام التطلعات الوطنية للفلسطينيين. من الضروري بناء أي رؤية لمستقبلهم من خلال هذه العدسة.
وعلى هذا النحو، يجب علينا جميعا أن نفهم مدى أهمية الوكالة بالنسبة للفلسطينيين باعتبارها محفلا للتعبير عن طموحاتهم الوطنية،
ومدى أهمية التأكيد وإعادة التأكيد على التزامنا الثابت بحماية ولاية الأونروا، إلى أن يتم التوصل إلى حل سياسي عادل لدعم حقوقهم.
ورابعا وأخيرا، فإننا نحتاج إلى بناء هذه الرؤية المشتركة مع فهم مشترك للحقائق العالمية والإقليمية والمحلية للصراع المسلح، والتضخم، والاحتياجات الاجتماعية الاقتصادية المتزايدة، والمشاهد المتغيرة، وعدم الاستقرار السياسي.
إنني أتحدث عن الوعي المشترك بالسياق متعدد الطبقات الذي تعمل فيه الأونروا. إنه أمر يزداد تعقيدا وصعوبة. ويجري إعادة رسم الحدود السياسية والإنسانية بصورة فعالة.
وفي هذا السياق، فإن قيام الأونروا بدور قوي وهادف في المنطقة أمر ضروري. ويتمثل دورنا في بناء المساحات والعمليات لتقديم المشورة والتوجيه الاستراتيجيين في هذا الاتجاه.
إن الأونروا ليست مجرد وكالة إنسانية. إنها وكالة للتنمية البشرية. إن قدرتها على بناء رأس المال البشري للاجئي فلسطين تعد أثمن سماتها.
فقط إذا فهمنا، معا، بالكامل هذه التحولات وتأثيرها على عمليات الأونروا،
وتأثيرها على قدرة الأونروا على بناء رأس المال البشري للاجئي فلسطين،
وتأثيرها على مستقبل لاجئي فلسطين،
فإنه يمكننا صياغة استجابة مشتركة ومتناسبة للتحديات التي تطرحها علينا هذه التحولات،
بروح من الشفافية والمساءلة والحكم الرشيد وحسن النية.
وفي نهاية المطاف، فإن هذه هي الطريقة التي يمكننا بها أن ننضج تصميمنا الجماعي على إحداث التغيير بما يحقق المصلحة الفضلى للوكالة وللاجئي فلسطين؛
بطريقة مرضية لجميع أصحاب المصلحة في هذا الحوار؛
وبطريقة تحمي الإجماع الدولي حول الدور المركزي والأساسي للأونروا في الماضي والحاضر، والأهم من ذلك مستقبل منطقتنا العزيزة.
وفي الختام، لديّ طلب إلى جميع الحاضرين هنا اليوم:
إنني أطلب إليكم، ونحن نمضي قدما، أن تشاركوا الرئيس أفكاركم أو ملاحظاتكم أو حتى تحفظاتكم عندما ظهورها، بنفس روح الانفتاح والحوار والشراكة التي قمت اليوم بدعوتنا جميعا إليها”.