مقال جسور

لاحترام حق اللاجئين بحياة كريمة

لاحترام حق اللاجئين بحياة كريمة
 
 *رئيس حكومة تصريف الأعمال
 
في بياننا الوزاري للحكومة اللبنانية الرابعة والسبعين بعد الاستقلال والأولى في عهد الرئيس ميشال عون، والتي اخترنا لها عنوان “استعادة الثقة”، أكدنا أهمية تعزيز الحوار اللبناني – الفلسطيني.
 
فكما أن “استعادة الثقة” حق للبنانيين علينا لكي نعيد إليهم الثقة بالوفاق الوطني، وبدولتهم ومؤسساتها. هي أيضاً حق للفلسطينيين علينا تأكيد إلتزامنا القضية الفلسطينية التي لم تغب يوماً عن أدبياتنا السياسية.
 
ولأن الثقة هي أغلى ما يمكن أن يملكه بلدنا، فإن استعادتها بأسرع ما يمكن أمر لا يمكن أن ننجزه الاّ بالتوافقات وبقيام علاقات تفاعل بين مختلف القوى السياسية اللبنانية، عبر الخوض في مختلف القضايا بهدوء وديموقراطية بإعتبار أننا نعيش تحت سقف نظام ديموقراطي يقوم على الحوار والتفاعل.
 
لقد اختار اللبنانيون الحوار بين بعضهم البعض من أجل مصلحة لبنان واستقراره، لأن لا أحد يريد أن يعيش حرباً أهلية من جديد، كذلك اختار الفلسطينيون الحوار عبر إعلان “فلسطين في لبنان” وعبر الممارسة بعد الحرب الاهلية. ووصلنا عبر “مجموعة العمل اللبنانية بشأن قضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان”، التي شملت القوى السياسية اللبنانية على اختلاف مشاربها وانتماءاتها، الى إيجاد مساحة تفاهم لبناني عميق حول كيفيّة التعامل مع الفلسطينيين على نحو يحترم حقهم الأساسي في حياة كريمة لحين عودتهم الى وطنهم، ملتزمين أحكام الدستور لجهة رفض التوطين بشكل واضح وثابت من خلال: الفقرة “ط” من مقدمة الدستور التي تنص على “أنّ ارض لبنان واحدة ولكل لبناني، فلا فرز للشعب ولا تجزئة ولا توطين ولا تقسيم”.
 
اليوم، وأمام تحدي مواجهة نيّات إسرائيل العدوانية وخططها الواضحة لرفض كل المساعي المبذولة لتحقيق السلام، وتهديدها المتجدّد بإعلان الحرب على لبنان، علينا تنفيذ سياسة جامعة همّها الرئيسي مصالح لبنان المنطلق من محيطه العربي والملتزم بالقضية الفلسطينية. هذه السياسة تتطلّب منا التعالي عن الخلافات والتجاذبات. فواجباتنا تجاه الفلسطينيين المقيمين على أراضينا مسألة يجب أن ألا تبقى نقطة خلاف.
 
علينا العمل معاً لكي يضطلع المجتمع الدولي وبشكل كامل بمسؤولياته، ويساهم بشكل دائم وغير متقطع بتمويل وكالة “الأونروا” التي تعاني من أزمة مالية ستنعكس حتماً وبشكل سلبي على متطلبات اللاجئين في لبنان. وكلنا يعرف أن واقع المخيمات مأساوي والدولة اللبنانية لا يجب أن تستمر بالنظر إلى هذا الواقع، وهو يتفاقم حتى يتحوّل إلى مسألة لا يمكن حلها.
 
لقد أكد لبنان الرسمي أنه لن يتخلى عن حق عودة الشعب الفلسطيني إلى دولة مستقلة عاصمتها القدس، وأكد اللبنانيون بمختلف مشاربهم أنهم لا يشكلون عائقاً أمام أي مشروع يسمح للبنان بتحمّل مسؤولياته تجاه اللاجئين الفلسطينيين. إن لبنان لن يتهرّب من واجباته، وهو أكد أمام المحافل الدولية أن لا مجال للتوط _ني أو أي إجراء يناقض حق العودة. موقفنا هذا لا يتناقض البتة مع إعطاء الأخوة اللاجئين حقوقهم الانسانيّة، بل إن منحهم هذه الحقوق يزوّدنا معاً وسوياً بالقوّة اللازمة لمواجهة الصعاب التي نواجهها على مختلف الصعد، سياسية كانت أو اقتصادية أو معيشية، فنستعيد قوّة العلاقات الأخوية الثنائية السليمة.