مقال جسور

لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني تعزز حلقة الرعاية الخاصة بكوفيد-19 في لبنان

لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني تعزز حلقة الرعاية الخاصة بكوفيد-19 في لبنان

لدى ظهوره في أوائل العام 2020، لم يعرف فيروس كوفيد-19 حدودًا، ولم يأخذ في الاعتبار أي عرق أو حواجز اجتماعية. لقد بدأ، ومن نواحٍ عدة، كأكثر الأوبئة ديمقراطيةً في العالم. الأغنياء والفقراء على حدٍّ سواء لازموا منازلهم خوفًا مما سيأتي، ولم يظهر الاختلاف بينهم إلا مع اقتراب نهاية العام. أمّا عندما حلّ العام 2021، فبدا واضحًا أن المحرومين من حقوقهم في العالم سيصبحون أكثر فأكثر عرضةً لتداعيات الفيروس.

لقد أثر فيروس كوفيد-19 على نحوٍ غير متكافئ في الأقليات العرقية والإثنية. إن افتقار اللاجئين والمهجرين قسرًا إلى التمويل يتسبب بإطالة أمد الوباء. ولسخرية القدر، تواجه معركة السيطرة على فيروس كورونا نقصًا كبيرًا في التمويل في أكثر الدول حاجةً إلى الدعم.

في لبنان، أوصل تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية الدولة إلى ما لا يقبله المنطق. لقد أدى النقص في الأدوية والمحروقات والكهرباء والمياه، بالتزامن مع الغياب الطويل للقيادة السياسية، إلى تشكيل فراغ مدمِّر.

إن مواصلة دعم اللاجئين الفلسطينيين هو أمر حيوي للمحافظة على السلام والاستقرار في بيئة غير مستقرة إلى حدٍّ كبير.

في ظل هذا الفراغ، أقامت لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، بالاشتراك مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبدعم من GIZ، شراكات عمل مع وكالات وبينها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ومنظمة الصحة العالمية، واللجنة الوطنية لمكافحة كوفيد-19، ووحدة إدارة مخاطر الكوارث لدى رئاسة مجلس الوزراء والسفارة الفلسطينية في بيروت.

معًا، سيدعمون جهود الحكومة اللبنانية ويكمّلونها، بغية الحد من المخاطر الصحية والاجتماعية والاقتصادية المرتبطة بكوفيد-19، وأيضًا، وفي شكل خاص، تعزيز الاستعداد والاستجابة لوباء كورونا بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

تتبنى لجنة الحوار اللبناني الفلسطينيوجهة نظر فاعلة في شأن الوباء.

“إننا ندرك أن هذا الفيروس ليس تحديًا قصير الأمد. ما نواجهه هو عدد كبير من المتغيرات التي تؤثر في اتجاهات الوباء وفي استجابتنا المتتالية”، على ما يقول منسق الاستجابة لكوفيد-19 لدى لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني عبد الهادي شلق.

بينما ركزت مجموعة العمل في البداية على مكافحة العدوى والوقاية منها، ومن ثم على فحوص الـ بي سي أر (PCR) وتتبُّع المخالطين، يليها الانتقال إلى اللقاحات، تمحور هذا العام حول بناء القدرات لعلاج لكوفيد-19 – وبخاصةٍ لحالات الإصابة التي تراوح بين الشديدة والحرجة.

تتوقع دراسة حديثة أجرتها لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني أن يصاب حوالى 40,000 من سكان المخيمات بالفيروس خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة.

من بين هؤلاء، سيحتاج 36,000 إلى أحد أشكال الرعاية الصحية. وفي حين أن حوالى 12,400 شخص لن تظهر عليهم أي أعراض أو ستكون لديهم أعراض خفيفة، فإن حوالى 6,800 شخص سيعانون من حالات شديدة أو حرجة تتطلب دخول المستشفى، وسيحتاج 3,600 منهم إلى عناية مركزة. هذه الأرقام النهائية تفوق قدرة المرافق الطبية الموجودة في المخيمات.

لقد أضيف في العام 2021 أكثر من أربعين سريرًا للعناية المركزة وستين سريرًا للمرضى الداخليين في أربعة مستشفيات رئيسة – مستشفى الهمشري ومستشفى النداء الإنساني ومستشفى صفد الجديد ومستشفى البص – ما يعزز في شكل كبير الرعاية الحرجة للفلسطينيين، فضلًا عن أن هذه الأسرّة متاحة لغير الفلسطينيين الذين يعيشون في المخيمات.

يسترجع المدير العام لمستشفى النداء الإنساني في مخيم عين الحلوة مصطفى أبو عطية الوضع في العام 2020 ويقول: “سنتذاك، كنا ببساطة نجري اختبارات للمرضى ونحيلهم. لم نكن قادرين على معالجة المصابين بأنفسنا، وكان هناك حد أدنى من القدرة العلاجية في صيدا”.

الآن، ومع وجود ست وحدات متخصصة قدمتها لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، يوضح قائلًا: “بتنا قادرين على معالجة أهل مجتمعنا داخل مجتمعنا”.

إن اختيار لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني لمواقع التدخل استند إلى توافر البنية التحتية واستعداد الشركاء والمستفيدين المحتملين. من خلال الموازنة بين الانتشار والعمق، يقدم المشروع حلقة رعاية على مستوى الدولة من خلال تغطية أهم ثلاثة تجمعات للاجئين الفلسطينيين في كل أنحاء لبنان، وهي البداوي (بالقرب من طرابلس في شمال لبنان)، وعين الحلوة (بالقرب من صيدا في جنوب لبنان) وصور في جنوب لبنان.

في تصريح من قسم وحدة العناية المركزة الخاص بكوفيد-19 الذي افتُتح حديثًا في مستشفى الهمشري التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، قال مدير المستشفى الدكتور رياض أبو العينين: “في بداية تفشي المرض، دمجنا قسمي العناية المركزة وطب الأطفال لإنشاء قسم طوارئ مخصص لكوفيد-19.”

ذلك لم يكن الحل الأمثل. فقد أدى عدم وجود ضغط سلبي إلى إصابة عدد من أفراد طاقمه الطبي. وبسبب عدم القدرة على العمل، تضاءلت قدرة المستشفى على الاستجابة.

“صُمم القسم الجديد خصيصًا ليكون قسمًا خاصًّا بكوفيد-19، وهذا يعني أننا أصبحنا قادرين على تقديم الرعاية المثلى للمصابين بالفيروس، مع حماية موظفينا في الوقت نفسه”.

وأشار إلى أن القسم يعمل بكامل طاقته تقريبًا، وأضاف: “هذا الفيروس لن يختفي سريعًا. علينا أن نبقى متيقظين ومستعدين للاستجابة للارتفاع في أعداد الإصابات. يجب ألا نسيء فهم أي انخفاض في معدل الإصابات ونعتقد أنه علامة على هزيمة الفيروس – فهذا ليس وقت التراخي”.

إن طاقمه الذي عمل بلا كلال وفي ظل مخاطر كبيرة على سلامته خلال العام الأول للوباء، يواصل دعمه ودعم مرضى مستشفى الهمشري على قدم المساواة وبتفانٍ، ولكن في ظروف أمن صحي متزايد.

يشرح الممرض في وحدة العناية المركزة سمير البكري أن كل مريض لديه معدات تنفس وتهوية وحقنة خاصة به، مع تهوية بالضغط السلبي فوق سريره. ويقول: “ذلك يساعدنا في معالجة المرضى مع العمل يدًا بيد للوصول إلى مرحلة جديدة”.

المثير للاهتمام أخذ مرحلة ما بعد كوفيد في الاعتبار لدى تصميم كل قسم. ويشير عبد الهادي شلق إلى أن “كل التدخلات تمّت مع التركيز على الاستدامة الطويلة المدى، بحيث يمكن إعادة استخدام وحدة العناية المركزة الخاصة بكوفيد-19 لتكون بمثابة مختبر قسطرة أو وحدة عناية مركزة عادية”.

إضافةً إلى الأقسام، وُضعت خطط لزيادة القدرة على إجراء فحوص الـ بي سي أر. فإلى جانب تسليم 17,600 عدة فحص بي سي أر إلى جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، سُلمت آلة جديدة لفحوص الـ بي سي أر إلى مستشفى صفد الجديد. ويتم إرسال نتائج الفحوص إلى منصة وزارة الصحة العامة كجزء من المتابعة الوطنية.

بالنسبة إلى عضو لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني عبد الهادي شلق، فإن “أهم جزء من المشروع، إلى جانب الاستثمار في إعادة التأهيل والمعدات الطبية، هو الاستثمار الطويل الأجل في القوى البشرية العاملة – وتحديدًا في من هم في الصفوف الأمامية والموظفين الداعمين لهم. نحن نركز معهم على بناء القدرات وعلى التدريب. وفضلًا عن ذلك، إننا نعمل مع المستفيدين على المستوى التنظيمي لدعم استدامتهم على المدى الطويل وتحسين أدائهم”.

يواصل تفشي الفيروس اختراق المجتمع الفلسطيني في لبنان، وبحسب مدير مستشفى النداء الإنساني مصطفى أبو عطية، فإن انتشاره المستمر يعود إلى “تدني عدد من تلقوا اللقاح وإلى حقيقة أن الناس باتوا أقل التزامًا بالإجراءات الوقائية مقارنةً مع أولى مراحل انتشار الوباء”.

مع تقدُّم طبيعة الاستجابة للجائحة، تتضمن الخطط المستقبلية جهودًا كبيرة لتعزيز عمليات التلقيح ودعمها، من خلال التوعية والتسجيل لتلقي اللقاح والضغط من أجل توفير اللقاح. تشمل المجموعة المستهدفة سكان المخيمات والتجمعات، ومن ضمنهم اللاجئون الفلسطينيون واللبنانيون ومن هم من جنسيات أخرى، من دون أي تمييز، عملًا بمبدأ برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المتمثل بـ”عدم ترك أي أحد خلف الركب”.