مقال جسور

لقمان سليم “موثّق” الذاكرة اللبنانية الفلسطينية

لقمان سليم “موثّق” الذاكرة اللبنانية الفلسطينية
لاقى اغتيال الكاتب والباحث والناشر والناشط الإعلامي لقمان سليم أوسع عملية شجب وإدانة من السياسيين والاحزاب والجسم الصحافي والاعلامي في لبنان، ووصل صدى ذلك إلى الصحافة ووسائل الاعلام العربية والغربية التي رأت في الجريمة عملية ترهيب سياسية – ثقافية، استهدفت قامة متعددة المجالات الابداعية. فلقمان سواء أكنت تتفق معه أو تعارضه، لا تستطيع بأي حال من الأحوال الا أن تنحني أمام تنوعه الخصب ومشاغله المتعددة. فهو الصحافي والكاتب واللغوي والمترجم والباحث المتبحر في القضايا التي يعمل عليها، كما هو السينمائي والموثق. 
 
نحن في نشرة “جسور” لنا أسبابنا التي لم يشر إليها الذين تناولوا هذا الرجل الدينامي المشغول دوماً في توثيق القضايا الشائكة، وضمن هدف محدد هو نصرة الفئات المهمشة من اللاجئين والضعفاء والمقهورين فعلاً وليس إدعاءً. لذلك ساهم في نشرة “جسور للحوار والعودة”، وناقش معنا مطولاً مضمونها وموضوعاتها، ودعم أهدافها في تنقية الذاكرة المشتركة. وعملت مؤسسة “أمم” التي أسسها مع شقيقته الروائية رشا الأمير على العلاقات اللبنانية الفلسطينية. ومن خلال النبش في أرشيف الصحف القديمة قدمت مادة لا مثيل لها حول مسيرة هذه العلاقات خلال ثلاثة أرباع القرن تقريباً.  كما عمل لقمان على ذاكرة الحرب الأهلية اللبنانية 1975- 1990، التي تعني الكثير للبنانيين كما للفلسطينيين. فقام بتوثيقها عبر ما نُشر عنها، ومن خلال شهادات لمن عاشوا وسط نارها، أو من الذين ترك لهيبها على ذاكراتهم المكلومة جروحاً وندوباً لا تنمحي. كما وثق ملف المفقودين في تلك الحرب ممن ضاعت آثارهم وسط المعابر والكانتونات. لم يفد لقمان نفسه من كل هذا التوثيق، لكنه ترك للأجيال المقبلة كنزاً يتطلب الدرس والتحليل وأخذ العِبر. أيضاً عمل على استكمال توثيق ذاكرة اقتلاع الفلسطينيين القسري من أرضهم وبلادهم. إذ لا يمكن لك أن توثق الحرب اللبنانية دون مقدماتها، بما فيه أن تغوص في سردية الفلسطيني لنكبة لجوئه بعد قيام الكيان الاستيطاني في فلسطين. أيضاً أفرد لقمان حيزاً واسعاً من جهده السينمائي لتوثيق اللجوء والتعذيب في السجون السورية. 
 
افترست شريعة الغاب التي تحكم لبنان وتخفي المجرمين، لقمان سليم لأنه ضبطها كلمة وصوتاً وصورة، مثله مثل المئات الذين تمزقوا أشلاءً بأطنان نيترات الأمنيوم في المرفأ أو بكواتم الصوت عقاباً لهم على الكلمة التي جهروا بها في زمن الاستباحة هذا.

جسور