مقال جسور

ماذا يريد أن يقول شباب شاتيلا للعالم؟

ماذا يريد أن يقول شباب شاتيلا للعالم؟

كيف يمكن للاجىء الفلسطيني في مخيم شاتيلا أن يجعل العالم يسمعه؟

ذاك كان هدف ميرا صيداوي، المخرجة واللاجئة الفلسطينية من مخيم برج البراجنة القريب من مخيم شاتيلا، من فيلم”الجدار” الوثائقي الذى صورته على مدار أكثر من عامين حول أربعة لاجئين في مخيم شاتيلا، تريد من خلاله كسر الصورة النمطية الكاملة عن سكان مخيمات اللاجئين في لبنان: أنهم فقراء وبلا مستقبل ويتقاتلون طوال الوقت.

تقول ميرا:لحظة الوقوف في ساحة مخيم شاتيلا كانت كفيلة أن تجعلني أفكر في كل ما أرى حولي. وجوه تتكدس فيها حالات من الألم والصبر معاً. حالة تجسد وجه لمسيح مصلوب. الناس متعبة من الحرّ واللجوء وكثرة الإنتظار. رتبنا كاميراتنا في أماكنها. وقلت للمصور علينا أن نأخذ كل الجمال الموجود في هذه القباحة. وبدأنا بتصوير فيلمنا الثاني الجدار. أربع شبان يحاولون بقدر استطاعتهم كسر جدار جاثم على أرواحهم ويمنعهم من التحرك بحرية.

تضيف ميرا: الحقيقة أننا اكتشفنا خلال التصوير الذي دام لفترة أسبوع ومن خلال الحديث معهم أمام الكاميرا وملاحقة تفاصيلهم أن المسألة لم تكن مسألة جدار واحد فقط… بل تعدت الأمر لتصل الى جدار يرقد خلفه جدار آخر وآخر وآخر… جدران وضعها النظام الكبير والصغير في داخل اللاجئ الفلسطيني. هذا اللاجئ الذي ترتب عليه تحمل كل خسارات العرب وانهزاماتهم وحده. جدار من العنصرية يشعر بها من الأخر اللبناني، وجدار من القهر والدفع الى عدم الاندماج بالمجتمع وجدار من الحياة داخل كيلومتر مربع صغير ولا أمل في تغيير المكان، جدار من التصنيف والمنع من ممارسة الحقوق الإنسانية البديهية بسبب قوانين تبيح حرمان الفلسطيني من العمل وشراء بيت والسفر. كل هذه الجدران وقف عندها كل من ريان وعمر وسميح وملاك متحدثين عما هو خاص في داخلهم وما يعكسه من صورة قاتمة للعالم من حولهم”.

 تضيف ميرا: فكرت كثيراً قبل أخذ القرار بتصوير هذا الفيلم. وكان هناك الكثير من المعوقات. فأنا نفسي لاجئة فلسطينية وتتطلب مني في هذا الفيلم الوقوف على مسافة واحدة مما أكون ومما أعيش ومما يعيش هؤلاء الشبان. حاولت جهدي تصوير الواقع كما هو والسخرية منه اذا أمكن. كان من المهم إيجاد أمل يحث أولئك الشبان على كسر جدارنهم. ووجدنا أن طريقتهم الوحيدة هي صنع فيلم يصور حياتهم على أمل إرساله الى المغني البريطاني في فرقة بينك فلويد روجر والترز.وهو معروف بمناصرته للقضية الفلسطينية المباشر. لكن وبينما بدأ الأمر يتناول مغامرة هذا الرباعي الشاب وهم يحاولون إقناع نجم الروك البريطاني روجر ووترز بأن يحيي حفلًا موسيقيًا في حيهم المتهالك، أصبح فيلماً عن كيف يمكنك أن تكون نفسك وتقاوم الظروف في المخيم. كيف يمكنك تحدي نفسك، وكيف يمكنك أن تجعل العالم يسمعك؟ الحياة في مثل هذه الظروف ليست سهلة والبقاء إيجابيًا يتطلب منك الكثير”.

* تم عرض فيلم الجدار في عدة مهرجانات منها: مهرجان تورنتو،مهرجان البرازيل،مهرجان المرأة،مهرجان بوسطن، مهرجان الفيلم الفلسطيني، وغيره من المهرجانات التي مازال يقوم الفيلم بجولته فيها وأوضحت المخرجة الأمريكية إيمي وليامز، منتجة الفيلم: “هذا الفيلم رائع حتى من دون روجر ووترز. لا تُعد مشاركة روجرز ضرورية؛ لأن الفكرة هي أن قصتهم وأحلامهم ورؤيتهم وفنهم يجب أن تكون بقدر أهمية أعمال المشاهير. هل سيتطلب الأمر قدوم أحد المشاهير إلى المخيم للحصول على اعتراف العالم بالأوضاع هناك؟”.