مقال جسور
مدير مشروع الاونروا لإعادة إعمار مخيم نهر البارد: نستكمل المشروع خلال عامين اذا تلقينا 39 مليون دولار أميركي
*جون وايت
بحلول الأول من آذار (مارس) 2022، تكون قد مرت ثماني سنوات منذ أن توليت مهمة مدير مشروع إعادة إعمار مخيم نهر البارد. عندما وصلت إلى المخيم لم يكن الوضع مبشراً بالخير. في ذلك الوقت، وعلى الرغم من الالتزام الأساسي الذي أعطته الأونروا للمجتمع المحلي بأن إعادة اعمار المخيم بشكل كامل ستنتهي في غضون ثلاث سنوات، إلا أن ربع العائلات فقط كانت قد عادت إلى منازلها التي أعيد بناؤها آنذاك. وفي ذلك الوقت ايضاً وبالنظر إلى التمويل المتضائل من المجتمع الدولي، كانت احتمالات انهاء أكبر مشروع تقوم به الأونروا على الإطلاق في كل أقاليم عملياتها تبدو قاتمة.
استجابة لهذا الوضع الصعب، تم تقليص حجم المشروع بشكل كبير في عام 2015 بغية التوفير في الأموال، مع تخفيض مستويات التوظيف بمقدار النصف وتم نقل عمليات المشروع إلى المكتب الرئيسي في بيروت. لكن في الوقت نفسه، عملت الوكالة على تطوير استراتيجية لحشد الموارد لاستكمال المشروع، وبحلول نهاية عام 2015، حصلت اجتماعات مع مجتمع المانحين في لبنان هدفت الى الحصول على تمويل إضافي لتنشيط المشروع.
على الرغم من أن التعليقات الأولية من السفارات المختلفة لم تكن مشجعة للغاية، إلا أن الأمور بدأت تتوضح منذ بداية عام 2016، حيث حددت الحكومة اللبنانية المشروع كأحد أولوياتها الثلاثة الأولى للبنية التحتية في مؤتمر لندن بشأن سوريا الذي انعقد في 4 شباط/ فبراير من ذلك العام. في 25 آذار/مارس، قام الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بزيارة مخيم نهر البارد خلال جولة في المنطقة وفي اجتماع للشركاء في تشرين الأول/أكتوبر 2016 تم تخصيص أموال إضافية بلغ مجموعها حوالي 31 مليون دولار أمريكي للمشروع.
ومنذ ذلك الوقت، تم تقديم تمويل إضافي بلغ حوالي 50 مليون دولار أمريكي، بما في ذلك اتفاقية مانح جديدة بقيمة 10 ملايين يورو في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2021. حتى الآن، عادت 3550 عائلة إلى منازلها التي أعيد بناؤها في المخيم، وبناءً على التمويل الحالي، من المتوقع أن تعود 671 عائلة أخرى بحلول بداية عام 2023 ، وسيبقى ما يزيد عن 700 عائلة نازحة (حوالي 15 في المائة من العدد الإجمالي للعائلات المقرر عودتها). أعتقد الآن أن المبلغ المتبقي المطلوب لإكمال المشروع – حوالي 39 مليون دولار أمريكي من إجمالي التكلفة التقديرية للمشروع البالغة 329 مليون دولار أمريكي – يمكن ان يتم توفيره من قبل المجتمع الدولي خلال السنوات القادمة. إذا تلقت الأونروا كامل التمويل المتبقي اللازم لإكمال المشروع، فستكون الوكالة قادرة على إكمال إعادة الإعمار في غضون عامين.
تم تمويل المشروع من قبل مجموعة واسعة من المانحين من المجتمع الدولي.
يتم تنفيذ إعادة إعمار مخيم نهر البارد وفقًا لأعلى معايير البناء، بما يتوافق مع المعايير اللبنانية والدولية. تم تصميم المباني بشكل يحميها من الزلازل ومعظم المباني لها واجهتين مفتوحتين، الأمر الذي يسمح بإنارة وتهوية أفضل. على الرغم من أن المباني ذات مساحات أصغر بسبب الحاجة إلى وجود طرق أوسع وزيادة المساحات العامة في جميع أنحاء المخيم، فقد ساهم وجود الساحات والأماكن المفتوحة حيثما أمكن في تحسين بيئة السكن للعائلات التي عادت.
على الرغم من أن التركيز يكمن في حفظ النسيج الاجتماعي اي أن العائلات ستعود للعيش بجانب جيرانها القدامى، إلا أن حقيقة أن هذه العائلات أُجبرت على إعادة بناء حياتها في مكان آخر أثناء انتظار العودة سيجعل من الصعب بلا شك إعادة بناء هذه التركيبة السابقة التي كانت موجودة في المخيم. بينما أعطت الأونروا الأولوية لإعادة إعمار المحلات التجارية بما في ذلك منطقتي السوق الرئيسيتين في المخيم، ظل الانتعاش الاقتصادي للمخيم محدودًا، ويرجع ذلك جزئيًا إلى استمرار القيود على الدخول والخروج للمخيم وكذلك تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلد وفي المنطقة ككل الناتج عن النزاع في سوريا. في هذا السياق، لعب مشروع إعادة الإعمار نفسه دورًا مهمًا في دعم الاقتصاد المحلي، حيث خلق حوالي 8500 فرصة عمل حتى الآن، وساهم بحوالي 171 مليون دولار في الاقتصاد المحلي.
في حين أن احتمالية استكمال هذا المشروع الكبير خلال السنوات القادمة، في ظل جميع التحديات التي نواجهها، تعتبر إيجابية بحد ذاتها – لا يزال هذا المخيم يعتبر أول مثال لمخيم يُعاد اعماره بشكل كامل للاجئين الفلسطينيين في لبنان بعد تدميره – الواقع بالنسبة للاجئي فلسطين الذين ينتظرون العودة هو أن المشروع قد استغرق وقتًا أطول بكثير لإكماله مما كان متوقعًا في أي وقت مضى. بعد مرور أربعة عشر عامًا، تشعر العائلات النازحة المتبقية بإحباط عميق بسبب الوقت الذي استغرقه الأمر. لذلك فإن شرح تعقيدات التعامل مع الدوائر الحكومية، والتباطؤ في توفير التمويل، والقيود المفروضة على البناء بما في ذلك وجود موقع أثري تحت المخيم، ناهيك عن الوضع الاقتصادي في البلاد وتأثير جائحة كوفيد-19، لا يلقى أي آذان صاغية من قبل الكثيرين من العائلات المحتاجة التي تكافح من أجل البقاء في خضم احدى أسوأ الأزمات المالية التي شهدها البلد المضيف.
تستمر العائلات النازحة في استئجار مساكن خاصة، معظمها دون المستوى المطلوب، وبينما تقوم الأونروا أخيرًا بإيقاف تشغيل المساكن المؤقتة وإعادة تخصيص الميزانية لإعادة دفع اعانات شهرية للسكن لمساعدة العائلات النازحة المتبقية، فإن العديد من هذه العائلات تواجه أزمة إنسانية مزمنة لأنها تكافح لتغطية نفقاتها. نظرًا لتحديات التمويل الداخلية الخاصة بها، فإن قدرة الأونروا على المساعدة محدودة ولا تستطيع الوكالة الاستجابة بشكل كافٍ للاحتياجات على الأرض.
وعلى الرغم من هذه التحديات الحرجة، إلا أن الأونروا تظل ملتزمة تمامًا بإكمال هذا المشروع والوفاء بالوعد الذي أعطي للمجتمع المحلي وتتطلع إلى تلقي التمويل الذي لا يزال مطلوبًا في أقرب وقت ممكن.
*مدير مشروع الاونروا لإعادة إعمار مخيم نهر البارد