مقال جسور
مسألة إحقاق حقوق الفلسطينيين في لبنان اليوم والاستحالة السياسية
*صحافية مستقلة. وسبق أن عملت في صحيفة لوس أنجلس تايمز.
في آب/أغسطس من عام 2019، احتل اللاجئون الفلسطينيون في لبنان عناوين الأخبار لفترة وجيزة مع اندلاع الاحتجاجات الجماهيرية في المخيمات، رداً على الحملة التي قامت بها وزارة العمل على الشركات التي توظف مواطنين غير لبنانيين لا يملكون إجازات عمل. وأدت المداهمات إلى خسارة العديد من العمال الفلسطينيين عملهم، وأعادت إحياء مسألة حقوقهم العمالية في لبنان.
كتبت مقالًا في ذلك الوقت توقعت فيه أنّ يكون الحادث قد فتح مجالاً “على الأقل لإصلاحات متواضعة تتعلق بالحقوق الاقتصادية والمدنية للاجئين الفلسطينيين في لبنان”. غير أني كنت مخطئة كما تبيّن لاحقاً، لأن سلسلة أحداث أخرى، سرعان ما حوّلت الانتباه عن أوضاع الفلسطينيين في لبنان، تمثلت أولاً في ثورة تشرين الأول/أكتوبر 2019، وتلتها الأزمة الاقتصادية، ثم جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، وأخيراً انفجار مرفأ بيروت.
في ظل معاناة عدد كبير من اللبنانيين العاطلين عن العمل، تبدو إعادة طرح مسألة حقوق العمل أو الملكية للفلسطينيين في لبنان حالياً مستحيلة سياسياً. ولكن حتى مع تراجع احتلال اللاجئين الفلسطينيين لعناوين الأخبار، فإنهم يعانون من نفس الأزمات الاقتصادية والسياسية التي يعاني منها المواطنون اللبنانيون منذ سنة، إلى جانب معاناتهم من الضغط الإضافي الناجم عن تقليص ميزانية الأونروا، في أعقاب سحب إدارة ترامب تمويل الولايات المتحدة للوكالة في عام 2018.
نتيجة لذلك، أصبحت الوكالة عاجزة عن تقديم أي مساعدة مالية هامة للاجئين الذين يعانون من البطالة والفقر بشكل متزايد. وبدلاً من ذلك، اعتمدت المجتمعات الفلسطينية إلى حد كبير على المساعدات المتبادلة والتحويلات المالية من مواطنيهم المقيمين في الخارج لمساعدتهم على تدبير أمرهم.
وفي نفس الوقت، كان التحوّل إلى التعلّم عن طريق الإنترنت أثناء الإغلاق الذي تسببت به جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) مستحيلًا، بالنسبة للعديد من الأسر الفلسطينية التي تعيش في مناطق تتوفر فيها خدمات الكهرباء والإنترنت بشكل متقطع. كما أنه في العديد من هذه الأسر يستخدم جميع أفرادها هاتفاً ذكياً واحداً، وتعيّن على عدة أطفال مشاركته أثناء الإغلاق لمواكبة واجباتهم المدرسية.
قد يكون التغيير المرتقب في البيت الأبيض مؤشراً أو لا إلى أي تحوّل كبير في مقاربة الولايات المتحدة للقضية الفلسطينية، لكنه سيعني على الأرجح انقلاباً في بعض المواقف الأكثر تطرفاً المؤيدة لإسرائيل في إدارة ترامب، مثل التشجيع الصريح لبناء المستوطنات في الضفة الغربية، وإعادة تمويل الأونروا.
ولكن، في خضم الأزمة الاقتصادية المستمرة والإلغاء الوشيك للدعم عن المواد الأساسية في لبنان، ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الأموال ستأتي في الوقت المناسب، أو ما إذا ستكون كافية لتوفير شبكة الأمان للاجئين الفلسطينيين الذين هم بأمس الحاجة إليها، كما هو الحال بالنسبة للبنانيين.