مقال جسور
ميرا صيداوي: إلتقاط الإبداع والإلهام من المخيم

ممثلة ومخرجة وكاتبة فلسطينية. أسمتها أمها ميرا تيمناً بالممثلة اللبنانية الراحلة هند أبي اللمع في أحد مسلسلاتها والتي لعبت فيه شخصية إسمها ميرا أيضاً. حدث ذلك خلال الثمانينيات، وتحديداً في العام 1984، حين “كانت بيروت تعيش لحظات جنونها القاسية وحيث طعم الحياة بالغ المرارة والسماء تضج بأضواء القذائف”، تقول ميرا.
في مخيم برج البراجنة ولدت ميرا التي تروي أنها – وهي لم تزل صغيرة – استشهدت شقيقتها، وبعد وقت قصير توفي والدها ودفن فوقها في المقبرة. “لكنه قبل رحيله علّمني إتقان المشي داخل زواريب المخيم من دون أن أقع في حفرياته، ومن دون أن تلاحظ الجرذان عبوري فتهيء أنيابها لنهش لحمي الطري”..
عايشت ميرا الحكاية الفلسطينية من خلال والدها “الفلسطيني جداً”، والذي كان يقول لها ” لدينا أكثر من بلد. بلادنا تكمن في مخيمات مقطعة، جزء منها في سوريا والأردن ولبنان والباقي في فلسطين نفسها. فنحن الفلسطينيين الوحيدون الذين يدل لجوؤنا على بلاد معلقة بين السماء والأرض. ولنا في كل مساحات الأرض مكان”.
حصلت ميرا على دبلوم مسرح من معهد الفنون الجميلة في الجامعة اللبنانية. ورغم معارضة عائلتها استطاعت العمل في المسرح. مثلت في عدد من الأفلام القصيرة والافلام الروائية من ضمنها فيلم “الإذن” و”وطن بديل” و”نفسي”..
اشتركت في كتابة النص والتمثيل في مسرحية “أيوبة وقفص” التي تناولت قصة إمرأة فلسطينية في مواجهة العوائق والصعوبات. ومثلت في مسرحية “مذهب” مع المخرجة لينا خوري، وفي مسرحية “سيستيماتيكل” مع بديع أبو شقرا التي تناولت حياة الثنائي عندما تتسلل إليها الرتابة. وشاركت مع ديما ونوس في ورشة لكتابة القصة القصيرة في معهد غوته، وتم اختيار قصتها وهي بعنوان “قل للنوم أن ينام” للمشاركة في معرض فرانكفورت الدولي للكتاب بعد طباعتها بالعربية ومن ثم ترجمتها إلى الألمانية. وساهمت مع الكاتب حسن داوود ضمن ورشة كتابة “11 حكاية من اللجوء الفلسطيني” الذي صدر في العام الماضي عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية في بيروت.
انتجت ميرا فيلمها الأول “مخيم على أربع عجلات” في العام 2015 الذي يتناول مسألة موت ودفن الفلسطينيين في المخيمات. وهي انتهت حالياً من إخراج فيلمها الروائي الثاني “الجدار” الذي تجري أحداثه بين مخيمي برج البراجنة وشاتيلا..
بعد سنوات من هجرتها إلى المانيا. تعود ميرا اليوم إلى مخيم برج البراجنة، وتعمل على اخراج مسرحيتها الأولى التي تلقي الضوء على الحياة داخل المخيم. “هدفي – تقول ميرا- كسر الصورة النمطية عن المخيمات وسكانها، بأنهم فقراء، ومن دون مستقبل، ويتقاتلون طوال الوقت. فالمخيم مكان مليء بالابداع والإلهام، عيناي تلتقطان سحره. أدور في داخله أبحث عن وجه الحقيقة، وتضيع الحقيقة في دهاليزه، فتراني أحمل كاميرتي باحثة عنها، او أكتب أحرفها… او أعود خائبة إلى المسرح أؤدي خيبتي على خشبته”.
لتعريف نفسها، تقول ميرا “لم أجد لقباً يحدني بعد، لست كاتبة فقط أو ممثلة أو مخرجة… إنني اكتشف نفسي في كل هذه المجالات، وكلها لا تؤدي الا إلى فلسطين. إنني أشبه بلادي كثيراً. أحلم بأن أتحرر مثلها وأن يلتقط جسدي ضوء الشمس في مخيم البرج. الشمس التي لا تستطيع العبور إلى داخل زواريبه الضيقة”.