كلمة لبنان أمام مؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة

كلمة لبنان أمام مؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة ألقاها ممثل لبنان في المؤتمر، العميد محمد السبع

سعادة الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السفير الدكتور سعيد أبو علي، اصحاب السعادة والمعالي، أعضاء المؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في الدول العربية المضيفة، الأخوات والاخوة الأعزاء،   

من بيروت أحمل اليكم، بإسم لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني في رئاسة مجلس الوزراء، تقديراً عالياً وعلى كل المستويات لجهودكم ومتابعاتكم في الاشراف على شؤون الفلسطينيين، التي تعكس إدراكاً لتحديات المرحلة التي نمر بها، وإلتزاماً عميقاً بالقضية الفلسطينية للاجئين تحديداً، 

أصحاب السعادة والمعالي، 

إن تفاقم الأزمات الانسانية  وتغيّر مفاهيم الحق الانساني والعدالة وأشكال التأثير يفرض علينا الاستمرار بمراجعة الخطط والبرامج والحلول والاستجابات، سواء على المستوى الوطني أو على مستوى دول المضيفة في سبيل بلورة أفضل استجابات للتحديات الراهنة، خصوصاً مع تراجع خدمات وكالة الأونروا بسبب العجز المالي وما يثيره هذا الأمر من هواجس ومخاوف، في ظل ما تواجهه دولنا أصلاً من أزمات متقاطعة، إقتصادية ومالية ومعيشية وإجتماعية، ما يؤثر بشكل مباشر على بقاء مسألة اللاجئين وهم الفئة الأكثر هشاشة وتضرراً، في ظل واقع صعب ومعقد. 

من بين النتائج الأساسية مثلًا لإضراب عمال الاونروا في الضفة الغربية، أكد أعضاء اللجنة الاستشارية، في توصياتهم إلى الوكالة، على الحاجة الضرورية لإدارة العلاقة مع القوى العاملة بشكل أفضل، من خلال تبني التحديث، ودعم الرؤية الاستراتيجية والمناقشات لتأمين مستقبل القوة العاملة، وبدء العمليات المتحركة للعمل بشكل مختلف على قضايا العمل الهيكلية، مساهمة في زيادة مساهمات موظفي الأونروا لإثراء المجتمعات الفلسطينية النابضة بالحياة، على الرغم من الصدمات والأزمات التي طال أمدها في بيئاتهم المضيفة. 

كل الشكر للدكتور أحمد أبو هولي على جهود الوساطة في الضفة الغربية، في تعليق الإضراب حتى يتمكن الأطفال من استئناف دراستهم، ونظرًا لان لقضية القوى العاملة في الأونروا آثر الدومينو على البلدان المضيفة الأخرى – فإننا نؤكد على أهمية التنسيق بيننا للتغلب على مثل هذه التحديات. 

أيها الأعزاء، 

يدرك لبنان الذي ترأس اللجنة الاستشارية للانروا لمدة عامين متتاليين، أهمية التواصل والحوار بين جميع أعضاء اللجنة، لتحقيق التغيير الضروري، كما ينبغي تعزيز روح الحوار وتقديم المشورة والمساعدة للوكالة  على الرغم من وجود تحديات عديدة تواجهها في تقديم الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين في الشرق الاوسط، الامر الذي يتطلب اهتمامًا فوريًا ومستمرًا، بما أن تراجع الخدمات يؤثر على حياة الملايين من اللاجئين الفلسطينيين، يجب علينا الوقوف جنبًا إلى جنب مع الحكومات المضيفة والوكالة والشركاء الدوليين لضمان استمرارية الخدمات الحيوية للاجئين ، كما يجب أن تتبنى الوكالة الحوار المفتوح والصادق وتعزيز الشفافية والثقة بين جميع الأطراف المعنية من مانحين ومضيفين من أجل تحقيق التغيير الضروري. 

باعتبار اللجنة الاستشارية منبر للحوار بين البلدان المضيفة والمانحة وكرئيس سابق، جلسنا جميعاً على الطاولة ، لإيجاد حلول ملموسة ، والتحدث بصراحة وصدق عن التحديات الأساسية للأونروا في محاولة لحماية تفويضها من أجل المصلحة المستقبلية للبلدان المضيفة. 

في هذا الاطار، أرى أنه من واجبنا كدول مضيفة للاجئين أمام الجهات المانحة أن نبحث مسارات مبتكرة لمعالجة الملفات المطروحة للوصول في النهاية ليس فقط إلى تخفيف الأعباء الملقاة على عاتق دولنا، بل إلى وضع الأونروا على مسار أكثر استدامة وملائمة يمكّن اللاجئين الفلسطينيين والمجتمعات المضيفة معاً من تحقيق الأهداف التي يتطلعون إليها من الوكالة الدولية.  

والأهم من ذلك ، أن البلدان المضيفة هي الأكثر دراية بوضعها الخاص ، وهي الأقدر على إيجاد حلول عادلة. يتجلى هذا النوع من التعاون بشكل أكثر وضوحًا من خلال لجنة التبادل الفني للحكومة المضيفة ، والتي تجمع لبنان، الاردن، وفلسطين، لمشاركة خبراتهم والتحرك نحو النتائج التي تعود بالفائدة على حياة اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات، كما يجب العمل على توسيع هذه المجموعة لتضم سوريا في مرحلة لاحقة. 

وهنا، ألفت عنايتكم إلى ما طرحه الرئيس السابق للجنة الاستشارية للانروا، رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الدكتور باسل الحسن في خلال اجتماع اللجنة الاستشارية في بيروت، حيث شدد على نقاط تشكل في مجموعها خريطة طريق إستراتيجية، متعددة المستويات، لدعم الأونروا، وكالة ومستفيدين ومانحين، ومن ابرزها:

التزامنا بمهمة الأونروا لا يسمح بالنظر إلى تقليص الخدمات الحيوية للاجئين الفلسطينيين كخيار قابل للتنفيذ إذا كنا نسعى للحفاظ على الأمن الإنساني في المنطقة.  

كما ينطبق على الأونروا، فإن المجالين التقني والسياسي لا ينفصلان. ولا يمكن معالجة تحديات الأونروا المتعددة إلا من خلال التركيز على الحلول السياسية للأزمات ذات الجذور السياسية    .

وكلجنة الحوار اللبناني الفلسطيني حققنا العديد من الإنجازات الهامة في السنوات الأخيرة. ففي سبتمبر 2022، تمكنا بنجاح من إحياء هيئة العمل الفلسطيني المشترك وتعزيز الوحدة بين الفصائل الفلسطينية. كذلك فتح حوار مع الرابطة المارونية والبطريرك الماروني في يوليو 2022، حول مسألة الحقوق. كما لعبت جهود التواصل المباشر من نوفمبر 2022 إلى سبتمبر 2023 دورًا حاسمًا في زيادة الوعي والدعم لمبادرات اللجنة.  

ونعمل حاليًا على صياغة شرعة الحقوق والواجبات. كما نقوم بتطوير مشروع قانون لتحقيق أهدافنا المتعلقة بمعالجة الاوضاع القانونية للاجئين الفلسطينيين..  

وهدفنا النهائي هو تقديم هذا المقترح كقانون إلى البرلمان اللبناني خلال مدة تنفيذ هذه الاستراتيجية ، للحصول على الموافقة الرسمية والتنفيذ.. 

وأخيرًا، نؤكد تضامننا ووقوفنا الى جانب أهلنا في فلسطين المحتلة، لاسيّما في مخيم جنين وسكان الضفة الغربية في ظل ما يعصف بها نتيجة سياسة الاستيطان التي يتبعها الاحتلال الاسرائيلي منذ عقود واستعماله لأساليب القمع وعمليات الحجز التي تعتبر الاسوأ منذ عام 2002 دون اي اعتبار للقانون الدولي وحقوق الانسان، إن القضية الفلسطينية في معضلة تاريخية، أمام أسوأ حكومة يمينية للاحتلال منذ قيامه، وتستدعي المزيد من التضامن العربي والالتفاف حول وحدة الشعب الفلسطيني أكثر من اي وقت مضى.

الكلمات: , ,