تصريح الوزير منيمنة حول وقف المساعدات الاميركية للاونروا

  لم يفاجئنا قرار الإدارة الاميركية وقف مساعداتها السنوية للاونروا، والتي كانت تقدمها العهود الاميركية المتعاقبة على امتداد تاريخ قيام الوكالة بعملها في حماية ومساعدة اللاجئين الفلسطينيين ، إذ جاء هذا القرار بعد أن سبقه إقدام هذه الإدارة على الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لاسرائيل ونقل السفارة الاميركية إليها، في مسعى لإخراج قضية القدس من ميدان مفاوضات الحل النهائي قبل الشروع بعملية التفاوض أصلاً . والآن يأتي دور تصفية قضية اللاجئين ليشكل نقلة نوعية بالغة الخطورة في المسار الذي تعتمده هذه الإدارة، والمتميز بتطابقه الكامل مع سياسة اليمين الصهيوني الحاكم في سائر ما أقدم عليه من خطوات. 
 
وتابع منيمنة قائلاً: لقد أعلنت هذه الإدارة بداية عن تجميد مبلغ 300 مليون دولار من موازنة الوكالة عن عام 2018 من أصل مبلغ  365 مليون دولار كانت قد قدمتها في العام 2017 ، لتصل إليوم إلى الإعلان عن وقف مساعداتها كلياً، وكأنها تعلنها حرباً مفتوحة على هذه الوكالة الدولية التي تمثل الشاهد الأممي على المأساة الفلسطينية وعلى معاناة اللاجئين وكذلك على الشعب الفلسطيني والدول المضيفة لهم ، بعد أن أناطت بها الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ 70 عاماً الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني المشرد ودعم صموده حتى عودته إلى بلاده. إن جملة هذه الخطوات التي اعتمدتها إدارة ترامب لن يستطيع بيان التبرير الذي أصدرته التغطية عليها، أو تمويه السياق الذي جاء ضمنه هذه الإجراء. كما  أن الوعود التي يتضمنها لن تنجح في تغطية حقيقة استهداف القرار بما هو خدمة المشروع التوسعي الاستيطاني في فلسطين وقطع الطريق على البحث في مصير اللاجئين في أي مفاوضات وبلوع مرحلة تصفية القضية الفلسطينية.إن جملة مراسلات مبعوث الرئيس ترامب صهره جاريد كوشنير والتي كشفت النقاب عنها الصحافة الاميركية تقطع الشك باليقين من أن الهدف من فتح النار على الاونروا هو تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين كخطوة ثالثة في مسار هجومي متسلسل تعتمده كل من أميركا واسرائيل يداً بيد. 
 
وأضاف الوزير منيمنة : إن وقوف معظم دول العالم وشعوبه ضد هذا المنحى في كل من مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، بدل أن يدفع هذه الإدارة إلى إعادة النظر بسياساتها إزاء القضية الفلسطينية نجدها تمعن في إنحيازها السافر للاحتلال والعدوانية ، موجهة ضربة إلى المؤسسات والقوانين والمواثيق الدولية وحقوق الانسان التي اكدت على حق الشعوب في التحرر من كل أشكال الاستعمار والعنصرية، وعلى حق الشعب الفلصسطيني في العودة إلى دياره وتقرير مصيره وبناء دولته على أرضه المحتلة وعاصمتها القدس. وهو الإنحياز الذي يغري اليمين الصهيوني الحاكم على متابعة ممارسة المزيد من الغطرسة والقمع عبر قانون يهودية الدولة العبرية الذي تم ّ إقراره مؤخراً، وبناء المزيد من المستوطنات وتصعيد أشكال التنكيل بالشعب الفلسطيني. 
وتابع منيمنة قائلا: إذ تعلن لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني عن وقوفها إلى جانب الاونروا في متابعة رسالتها وتقديماتها وفي مساندة الشعب الفلسطيني في محنته المتواصلة منذ 70 عاما، تدعو الوكالة ومعها الدول المانحة إلى الاصرار على مواصلة المهام المناطة بها بموجب قرارات الأمم المتحدة، ودق المزيد من الأبواب لدى سائر الدول من أجل سد العجز في موازنتها، والبحث عن مانحين جدداً يتولون تعويض ما خسرته من مساهمة اميركية. وبالتالي دعم موازناتها العامة ومتابعة تقديم خدماتها التعليمية والصحية والاجتماعية لـ 5.4 مليون لاجئ في مناطق عملياتها الخمس. 
 
ورأى منيمنة أن الإجراء الذي أقدمت عليه الإدارة الاميركية لن يظل منحصراً بالاونروا واللاجئين الفلسطينيين، إذ إن آثاره الفعلية ستمتد إلى الدول المضيفة، وفي المقدمة منها لبنان الذي يعاني من ظروف اقتصادية قاهرة تمنعه عن تولي المهام التي تمارسها الاونروا عبر مدارسها ومؤسساتها الصحية والخدماتية في المخيمات والتجمعات الفلسطيينة.
 
وختم منيمنة قائلاً : إن خطورة القررات الاميركية تتعدى ذلك لتطرح مباشرة قضية توطين اللاجئين الفلسطينين في دول لجوئهم. وهو ما يهدد لبنان أكثر من سواه من دول عربية للأسباب المعروفة ، وما التلميحات الاميركية في بيان التخلي عن المساهمة في تمويل الاونروا والوعد بفتح البحث مع هذه الدول في مسألة تغطية الخدمات التي تقدمها الوكالة سوى دليل إضافي على هذا المنحى المتواصل الذي تعتمده إدارة ترامب وفريقه. وعليه فان كل من يعلن وقوفه ضد التوطين مطالب اليوم أكثر من أي يوم مضى باعتماد سائر سبل التنسيق والتعاون مع القيادة الفلسطينية ومع الدول العربية والدول الصديقة لمواجهة هذا الطور المتقدم في السياستين الاميركية والاسرائيلية الذي يطال في محصلته ما يتعدى خارطة فلسطين ومصير شعبها الصامد.
          
 

الكلمات: