في اطلاق التقرير الاول من سلسلة اللجوء السياسي في لبنان

بات من المؤكد أن جلسة مجلس الوزراء اللبناني ستعقد اليوم برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام، وفي غياب وزراء «تكتل التغيير والإصلاح» والكتائبي ألان حكيم ووزير العدل المستقيل أشرف ريفي، وعلى جدول أعمالها بنود عادية إضافة الى بند خاص بتعيين فؤاد أيوب رئيساً للجامعة اللبنانية والقاضي عبدالله أحمد مديراً عاماً للشؤون الاجتماعية والتمديد لرئيس المجلس الوطني للبحوث العلمية معين حمزة.
وعلمت «الحياة» أن المشاورات التي أجراها سلام جاءت لمصلحة عقد الجلسة على رغم مقاطعة وزراء التكتل، بذريعة مطالبتهم بتطبيق «الميثاقية» التي كانت وراء مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى تعليق الحوار الموسع في ضوء ما طرحه وزير الخارجية جبران باسيل قبل أن ينسحب من جلسة الإثنين الماضي والذي لقي اعتراضاً كاد يكون بإجماع المشاركين.
ويفترض أن يبحث مجلس الوزراء في جدول الأعمال المقرر للجلسة، لكن هناك وزراء يتوقعون حصر النقاش في البنود العادية وتقنين ما أمكن منها، ما يعني أن ترحيل البند المتعلق بالتعيينات وارد، بغية قطع الطريق على إقحام البلد في مزيد من التأزم السياسي.
ويأتي الإصرار على عقد الجلسة، كما تقول مصادر وزارية، بمثابة رد على مطالبة «تكتل التغيير» بتأجيلها، بذريعة أن غياب وزرائه عنها يفقدها الميثاقية، وبالتالي إشعاره بأن لا نية للرضوخ للابتزاز الذي يمارسونه من حين الى آخر، وبأن من يريد الانتحار – بحسب أحد الوزراء – عليه أن ينتحر لوحده لا ان يجر البلد الى الهاوية. وفي المقابل، لفت وزير آخر إلى أن سلام يبدي مرونة ولا يلهث وراء شراء مشكلة سياسية جديدة. وقال إن الباب مفتوح أمام البحث عن تسوية تقضي بترحيل بند التعيينات عن الجلسة، شرط أن تتوافر الضمانات من قبل «تكتل التغيير» بالعودة عن مقاطعته جلسات مجلس الوزراء والتحاق وزرائه بالجلسة المقبلة، وإلا فإن التعطيل للتعطيل مرفوض.

سلام لعدم التعطيل

وعكس سلام أمس، هذا التوجه في دعوته إلى «عدم التعطيل»، معلناً أنه سيسعى جهده «لأحافظ على دوري كحارس لهذا الكيان وآمل من الجميع أن يمضوا لتعزيز عملنا المؤسسي، وما مجلس الوزراء وعمله إلا العنوان الأكبر والأبرز والأفعل والأكثر تنفيذاً في إدارة شؤون بلدنا، والحفاظ على عمله ودوره ورسالته أمانة عندي سأمضي فيها».
وجدد سلام خلال رعايته حفلة إطلاق التقرير الأول من سلسلة «اللجوء السياسي في لبنان» بعنوان «كلفة الإخوة في زمن الصراعات» تمسكه بمطلب «انتخاب رئيس للجمهورية»، منبهاً إلى أنه «إذا طالت الأزمة السياسية المستفحلة لا تنبئ بفرج قريب». وقال: «لبنان واللبنانيون هاجسنا وقضيتنا وهذا يتطلب الكثير من العمل المضني المستمر والملتزم والوطني بامتياز».
وإذ أثنى على «أهمية العمل الذي تقوم به لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني في محاولتها صوغ تاريخ اللجوء الفلسطيني»، شدد على «أن مصلحة اللبنانيين والفلسطينيين تقتضي منهم التنقيب معاً وباستمرار، في مسار حياتهم وتجاربهم، للوصول إلى بناء علاقات سوية قوامُها احترامُ سيادة الدولة اللبنانية وحقُها في فرض قوانينها بواسطة قواها النظامية على كامل الأراضي اللبنانية، وفي الوقت نفسه مسؤوليتُها عن أمن وسلامة جميع المقيمين غير اللبنانيين وتحسين الأوضاع المعيشية والاجتماعية للإخوة الفلسطينيين في مخيماتهم وتجمعاتهم، وهو التعهد الذي لم نستطع دائماً الوفاء به بسبب الظروف الضاغطة التي كانت أقوى من قدُراتنا في اوقات كثيرة». وشدد على أن» زمن الاقتتال والويلات التي طاولتْنا وطاولت الإخوة الفلسطينيين ولى إلى غير رجعة، ومبدأ الحوار والمصلحة المشتركة الأساس الذي تقوم عليه علاقاتُنا مع دولة فلسطين، ومع اللاجئين من أبناء الشعب الفلسطيني، الذين نشدد على حقهم في العودة إلى أرضهم وإقامة دولتهم المستقلة عليها».
وتوقف سلام عند «المشهد السياسي المتداخل إقليمياً ودولياً، وسط ظروف الحروب الدائرة على أكثر من جبهة، وبشعارات تشابكت فيها نفحات الربيع العربي الذي تحول أتوناً لصراعات داخلية مع هجمات إرهابية لمجموعات تدعي الإسلام في حروبها على المسلمين أولاً وأخيراً»، وقال: «لعل أخطر ما لمسناه هو تراجع القضية الفلسطينية وتهميشها في اللقاءات الدولية، ونجاح العدو الإسرائيلي في منع تطبيق الاتفاقات الدولية في شأن الدولة الفلسطينية، والقدس وحقوق الفلسطينيين بحياة كريمة».
وحضر المناسبة سفراء دول عربية وأجنبية وقادة أحزاب لبنانية وفلسطينية وممثلو منظمات دولية ومحلية. وأكد رئيس «لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني» حسن منيمنة أن «الهدف من خلال هذا العمل الوصول إلى صوغ علاقات سوية وطبيعية ومستدامة بين الدولتين اللبنانية والفلسطينية وبما يكفل للشعبين السلام والأمن النفسي والاجتماعي والمعيشي». وقال: «ارتُكبت أخطاءٌ من الطرفين ضمن ظروف وأوضاع ومناخات دولية وإقليمية ومحلية محددة، وباتت هذه الأخطاءُ وراءنا معاً. اليوم نشعرُ في لحظات الخطر المضاعف، إن واجبنا اعادة جلاء صورة الوضع بما يكسرُ تلك الصورة النمطية التي ترى في الفلسطيني عدواً يجبُ التخلصُ منه عبر الترحيل وغيره، وفي اللبناني سلطةً قاهرةً لا هم لها سوى وضع الفلسطيني في القيود حتى رحيله من المخيم مهاجراً إلى الخارج من دون عودة»، وأن الهدف الأسمى من التقرير تطوير علاقات الإخوة والمصالح المشتركة ولغة الحوار حتى عودة اللاجئين إلى الديار التي أجبروا على الخروج منها بفعل قيام المشروع الصهيوني على أرض فلسطين وإرغام هذا المشروع على الانصياع إلى منطق القانون والحقوق والعدالة الدولية والإنسانية الطبيعية.

240 الف لاجئ فلسطيني

والكتاب الذي تم إطلاقه الأول من أصل ثلاث كتب – تقارير تتناول أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. ويكشف التقرير في شكل شبه حاسم، مع بعض التحفظات، عن أن الرقم الفعلي للاجئين الفلسطينيين في لبنان هو تقريباً نصف عدد المسجلين (الذين يتراوحون بين 500 ألف بحسب وكالة «أونروا» ونحو 600 ألف بحسب قيود وزارة الداخلية)، ذلك أنه إضافة إلى الثغرات الإحصائية نفسها، فإن هذه الأعداد على الورق، لا تلحظ الهجرة الكبيرة إلى خارج لبنان، ولا كثيراً من التغيرات السكانية، خلال الحرب اللبنانية وبعد العام 1982. لذلك، يشير التقرير إلى أن العدد الفعلي للموجودين فعلياً في لبنان يتراوح بين 200 ألف و240 ألف لاجئ، وهو رقم قريب جداً من تقديرات حديثة لبحوث ميدانية».
ويرى الكتاب الذي يصدر بعد مرور عقد من الزمن على تشكيل لجنة الحوار أنه كان من الضروري «إحداث نقلة نوعية في رؤية اللبنانيين لقضية اللجوء الفلسطيني في لبنان وكان تشكيل فريق عمل لبناني معني بتحضير توجه الحكومة في الشأن الفلسطيني، ما يعني تحمل لبنان المسؤولية الأخلاقية والسياسية والقانونية عن دعم حق العودة للفلسطينيين إلى بلادهم والتجاوب مع قائمة حقوقهم في لبنان. ولم يعد الملف الفلسطيني ومصالح لبنان في إقراره السياسة الملائمة، عبارة عن ورقة مساومة موظفة في خدمة محاور خارجية».
إلا أن الكتاب يتوقف عند استحقاقين: الأزمة السورية و«تأثيراتها الخطيرة على كيان لبنان الوطني، بما فيها ضغط وجود أكثر من مليون لاجئ سوري على أرضه مع عشرات الألوف من اللاجئين الفلسطينيين»، و«الصعوبات التي تواجه وكالة «أونروا»، وتراجع خدماتها وتنامي الحاجات الملحة»، ما «يضع لجنة الحوار في موقع التحدي».

الكلمات: