لحظات فلسطينية.. في أسواق بيروت

في أحد شوارع مخيم شاتيلا، طفل يركض وهو يحمل حقيبته المدرسية وعلى وجهه إبتسامة واضحة. في عيادة الأونروا المركزية في صيدا طفلة تناهز العامين تحمل بطاقة رعاية الأمومة وفي عينيها الدامعتين ملامح معاناة وألم. في مخيم برالياس للاجئين الفلسطينيين تظهر البنى التحتية المهترئة والمباني المتصدعة.

هذه الحالات، المجسدة في ثلاث صور للمصور فرانشيسكو رومانيلولو، تحكي إلى جانب صور لمصورين آخرين، معاناة اللاجئين الفلسطينيين في تحصيل الطبابة، المسكن والتعليم في مخيمات مارالياس، البداوي برج البراجنة، شاتيلا وغيرها من مخيمات اللجوء المنتشرة في لبنان. وهي في معرض “لحظات فلسطينية” لمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الذي تنظمه لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني بالتعاون مع الإسكوا والأنروا في أسواق بيروت، وقد افتتح الثلاثاء 29 تشرين الثاني، ويستمر حتى الأحد 4 كانون الأول 2016.

يضم المعرض 56 صورة، 15 منها تجسد واقع الحياة الراهنة في المخيمات ومشاكلها، و15 أخرى تحاكي التراث الفلسطيني، بعضها مؤرخ وبعضها مجهول الزمن والهوية. أما 26 لوحة الأخرى، فإنها للمصور عادل هنا من غزة وتحمل اسم “حياة تحت الحصار”.

وتظهر هذه اللوحات زينة العيد التي وضعت في وسط الدمار، وأشخاصاً يحيون احتفال الألوان كما في الهند، وأطفالاً يلعبون فوق الركام، وطفلة صغيرة تجر حقيبتها المدرسية في أحد شوارع غزة. ويضم المعرض أيضاً بعض أعمال عبدالرحمن قطناني، من مخيم برج البراجنة، الذي صنع من الأسلاك الشائكة فناً شارك فيه في معارض دولية مختلفة.

يرتكز المعرض، الذي افتتح بعرض قدمته فرقة الكوفية للتراث الفلسطيني من مخيم عين الحلوة، على مفهوم الوقت كشاهد حي على لحظات الإلهام واليأس والتدمير، حيث تشكل هذه اللحظات الهوية الفلسطينية وتعبر عن صمود وعزيمة شعب بكامله، وفق المنظمين. ويهدف المعرض إلى تقديم الدعم للاجئين في لبنان معنوياً ومادياً، إذ إن ريع الإنتاجات الفلسطينية التي تعرضها جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني واتحاد النساء العرب الفلسطيني وبيت أطفال الصمود سيعود إلى اللاجئين داخل المخيمات. كما يهدف إلى رفع مستوى الوعي حول محنة الشعب الفلسطيني، وتعريف الأخرين على الإنتاجات الفلسطينية في المجالين الفني والثقافي لتأكيد ثوابتهم الراسخة.

ويرى ممثل الإسكوا ربيع بشور أن هذه اللوحات تختصر قول الشاعر محمود درويش “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”، حيث تظهر إبتسامة الفلسطينيين رغم الحرب والظلم والدمار. ما يعد نوعاً من أنواع الإصرار والمقاومة. ويؤكد، في حديث إلى “المدن”، أهمية هذه المناسبة، التي تتكرر سنوياً منذ العام 1977، حين أقر المجتمع الدولي بالظلم اللاحق بالشعب الفلسطيني منذ العام 1947، في ذكرى صدور قرار التقسيم.

فيما تجد المستشارة الإعلامية في الأونروا هدى سمرا أن هذه اللوحات تخبر قصص اللاجئين عبر السنوات، حيث ارتفعت كلفة الخدمات وارتفع عدد اللاجئين، بعد نزوح العديد من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان. ما زاد معاناة اللاجئين وقلص قدرات الأونروا في تحسين أوضاعهم المعيشية.

أما آيه عيسى، الآتية من مدرسة بيسان في مخيم عين الحلوة، وتمثل البرلمان المركزي في لبنان والخارج، فتقول إن المعاناة الأصعب التي يعانيها أبناء جيلها في المخيمات هي تهميش الطرف الآخر لهم، ومعاملتهم إنطلاقاً من كونهم لاجئين وليسوا أناساً عاديين. وتؤكد أن حضورها في المعرض، كما تنظيم المعرض نفسه، جاء ليؤكد أنه “في أمل رغم كل المشاكل”.

 

الكلمات: