ملتقى ثقافي في مخيم برج الشمالي
بعيدا عن الصورة النمطية، وخصوصاً الأمنية، عن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، يجهد بعض الشباب الفلسطيني في المخيمات لإظهار الجانب الحضاري والثقافي الفني لمجتمعهم، في محاولة للتخفيف من وطأة الظروف الاقتصادية والمعيشية القاهرة التي يعيشها اللاجئون لا سيما الشباب منهم.
في احد احياء مخيم برج الشمالي ـ صور، تكتل عدد من الشبان والشابات الجامعيين والمهنيين، بمبادرة ذاتية، وأسسوا تجمعا مدنيا شبابيا، هدفه الأساس تعزيز دور الشباب الفلسطيني في المخيم والعمل على تنمية قدراتهم الفنية والثقافية، وتمكينهم من ايجاد فرص عمل.
الشباب كانوا في مقدمة اهتمامات ونشاطات «التجمع»، بحسب احد مؤسسيه احمد دحويش الذي قال «إننا أولينا عناية خاصة لا سيما للمتسربين من المدارس، ففتحنا لهم صفوفا تعليمية لإعطائهم دروسا لرفع مستواهم في المواد الاساسية كالرياضيات واللغتين العربية والانكليزية. كما عمدنا الى تنظيم دورات مهنية مختلفة لشباب المخيم (ذكورا وإناثا)، شملت الرسم على البورسلان، الطباعة اليدوية والالكترونية على الالبسة و «البوسترات»، كما نقوم حاليا بالاعداد لدورة اخرى، لتعليم مهنة التمديدات الكهربائية للمنازل».
اما «الانجاز الاكبر»، وفقا لدحويش، فكان استئجار مبنى في المخيم تم استخدامه كملتقى عام للشباب في المخيم، ومركز لاقامة النشاطات وتنظيم ورش العمل، وقد اطلقنا عليه اسم «دارنا». فيما كانت باكورة نشاطات «المركز» فتح دورات لتعليم النساء والفتيات فن الخياطة والتطريز مدتها 6 اشهر. ويشير الى ان الاقبال كثيف على مثل هذه الدورات المنتجة.
افرد «التجمع الشبابي» للشأن الرياضي حيّزاً خاصاً، فنظم العديد من النشاطات والمهرجانات والدورات والماراتونات الرياضية لشتى الفئات العمرية في المخيم، إضافة الى اقامته مباريات في كرتي القدم والسلة، فضلا عن اطلاقه دورات لتعليم السباحة. واللافت للانتباه في هذا الاتجاه هو كسر هؤلاء الشباب، للعرف الاجتماعي القائم على احتكار ممارسة هواية كرة القدم على الذكور، حيث فتح «التجمع»، الباب امام الفتيات لتدريبهن على ممارسة لعبة كرة القدم، وقد لاقت اقبالا شديدا بالرغم من معارضة البعض في المخيم لهذه الخطوة التي توجت باقامة عدد من المباريات المختلطة في المخيم لشبان وشابات تتراوح اعمارهم بين 10 و17 عاما.
وعلى الصعيد الاجتماعي، اطلق «التجمع» مبادرة جديدة، عنوانها «خليك اجتماعي» وهي تستهدف المدمنين على وسائل التواصل الاجتماعي لا سيما الشباب، من خلال حثهم وتشجيعهم على التفاعل المباشر مع محيطهم الاجتماعي، وايجاد فسحة يومية للتواصل في ما بينهم وبين مجتمعهم من ابناء المخيم، بعيدا عن تكنولوجيا الاتصالات، وقد حظيت المبادرة بدعم الاهالي الذين عبّروا عن استعدادهم للمساعدة في توعية أولادهم وإيضاح مخاطر انقطاع التواصل المباشر على العلاقات الأسرية.
اما الالتفاتة الابرز»للتجمع»، فكانت تجاه رواد المقاهي من شباب المخيم، عبر سعيه للحد من هذه الظاهرة المستفحلة، بالعمل على التحضير لاطلاق مبادرة جديدة رائدة عنوانها: «حرر قلمك»، وهي تهدف الى تنمية المواهب الفنية والثقافية لدى رواد المقاهي وتدريبهم على كيفية القاء الشعر، ولاحقا اقامة امسيات شعرية في المقاهي وأزقّة المخيم. ولم تقتصر المبادرة على الشباب فقط، بل تشمل ايضا الفتيات اللواتي لا يعملن.
ولم يسقط افراد «التجمع» من حساباتهم «قضية الادمان على المخدرات»، حيث قاموا بجردة للمهارات التي يمتلكها هؤلاء المدمنون، بالتعاون مع الجمعيات المختصة في هذا المجال، فجرت محاولات لاصلاحهم باستغلال هذه المهارات والاستفادة منها في الميادين العلمية والعملية والثقافية، وبالتالي المساعدة على تحويلهم الى اناس صالحين ومنتجين، غير ان ثمة صعوبات واجهت «افراد التجمع» في عملية الاصلاح هذه، وابرزها عدم وجود بيئة حاضنة تتابع اوضاع هؤلاء المدمنين.