بيروت ــ «القدس العربي»:يضع رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، حسن منيمنة، قرار الإدارة الأمريكية بتجميد مساهمتها في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في سياق خطة واشنطن لإنهاء القضية الفلسطينية، واستكمالاً لقرارها الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ويرى أن تداعيات الموقف الأمريكي لا ترتبط فقط بالجانب المالي إنما أيضاً بالإبقاء على القضية الفلسطينة حية، وإثبات ارتباط الشعب الفلسطيني، المنتشر في العالم، بأرض اسمها فلسطين، معتبراً أن تجميد الولايات المتحدة مساهمتها في «الأونروا» يشكل انسحاباً تدريجيا لها وخطوة على طريق إلغائها للوكالة، والذي هو مطلب بنيامين نتناهو.
ويبدي منيمنة قلقه من حجب واشنطن مساعدتها عن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وهو إذ يدرج قرارها في إطار الضغط على لبنان نتيجة اعتقادها بأنه يجنح أكثر نحو سياسات المحور الإيراني، يتخوف من أن يتحول هذا القرار إلى عنصر تفجير اجتماعي في مخيمات لبنان، ومن أن يُشرّع الأبواب لأنواع مختلفة من التطرّف، ويدفع الشباب الفلسطيني للانخراط في هذه الحركات نتيجة حالة العوز التي يعانون منها. هنا نص الحوار:
■ في أي إطار تضع قرار الإدارة الأمريكية تجميد مساعداتها لـوكالة «الأونروا»؟
■ لا شك أن قرار إدارة دونالد ترامب بتجميد مساعدات «الأونروا» مرتبط بالسياق العام للتعاطي الأمريكي مع الموضوع الفلسطيني بدءاً بقرار إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، والذي تعتبره أمريكا الخطوة الأساسية لإنهاء القضية الفلسطينية. الإدارة الأمريكية تقول إنه بانتزاع القدس بالكامل من الفلسطينيين، بما تمثله فلسطينياً وعربياً، وتحويلها إلى الإسرائيليين يكون العنصر الأساسي قد تم حله، وبالتالي تعالوا ننظر في بقية العناصر الأخرى التي تساهم في إنهاء القضية الفلسطينية.
■ لكن هناك مَن يعتبر أن موقف ترامب لم يقرأ بدقة، فرغم إعلان اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل إلا أنه قال إن الطرفين يتفقان على موضوع الحدود، والجامعة العربية وحتى السلطة الفلسطينية تتكلم عن القدس الشرقية؟
■ الكلام بأن موضوع الحدود لا يزال مطروحاً للبحث هو «ضحك على الذقون». هناك موقف أمريكي واضح بكل خطواته يلتقي مع الموقف الإسرائيلي، مهما حاول البعض أن يخفّف من وطأته أو أن يُضلل الآخرين بذلك. هناك خطوتان تأخذهما واشنطن، الأولى واضحة وهي التسليم بأن القدس هي عاصمة إسرائيل، وبالتالي إسقاط أهم عنصر جامع حول القضية الفلسطينية، وأحد العناصر الأساسية التي تمثل طبيعة هذا الصراع وتمثل انعكاساً لتمسّك الفلسطيني بأرضه وبحقه في دولته، وبأن تكون القدس عاصمة لهذه الدولة المنتظرة. الآن، تأتي الخطوة الثانية، أي تجميد المساعدات المخصصة لـ»لأونروا» لتؤكد السياسة الأمريكية التي تدفع بهذا الاتجاه. «الأونروا»، بما تمثله، هي عنوان لبقاء القضية الفلسطينية حيّة، هي عنوان لإثبات ارتباط هذا الشعب الفلسطيني، المنتشر الآن في الدول المضيفة أو مختلف أنحاء العالم، بأرض اسمها فلسطين. عندما تأتي الولايات المتحدة وتُنهي تدريجياً علاقتها بـ»الأونروا»، فهي تسعى عملياً إلى إلغاء «الأونروا»، وهذا مطلب بنيامين نتنياهو، وهو خطوة أساسية في إنهاء القضية الفلسطينية.
■ ما حجم المساهمة الأمريكية في «الأونروا»؟
■ الثلث تقريباً. مساهمتها هي 364 مليون دولار من مجمل الموازنة العامة.
■ هل هناك مساع لتأمين مصادر أخرى بديلة للتمويل؟
■ «الأونروا» تبذل جهدا منذ 6 سنوات، وهي، بمعزل عن الموقف الأمريكي الأخير، تعاني من عجز دائم تراوح في السنوات الثلاث الأخيرة بين 70 و120 مليون دولار، وكل سنة كان الحل يأتي عن طريق الضغط على بعض الدول، وخاصة العربية منها، لتغطية هذا العجز. لا أحد من الدول المساهمة يُبدي استعداداً لزيادة مساهمته، وخاصة المجموعة الأوروبية، التي هي المساهم الثاني، خاصة وأن المطلوب تعويض ثلث الموازنة، أي حوالي 360 مليون دولار. المشكلة ليست فقط في تأمين المبلغ إنما في موقف الولايات المتحدة. المطلوب أن تمارس الدول العربية وخاصة الدول المضيفة المعنية مباشرة بهذا القرار، نتيجة ارتداداته عليها، ضغوطاً على الإدارة الأمريكية حتى تُبقي على ارتباطها بـ»الأونروا»، بمعنى أن تبقى الولايات المتحدة معنية بإيجاد حل للقضية الفلسطينية، وليس التسليم بالمنطق الإسرائيلي، المُطالِب بالتخلي عنها.
■ الموقف الأوروبي هو نتيجة أوضاع اقتصادية أم أنه يتماهى مع الضغوط الأمريكية؟
■ هناك جانب له علاقة بالضغوط الأمريكية لأن أمريكا تمارس ضغوطها على الدول الحليفة في أي موضوع له علاقة بسياساتها، فضلاً عن أنه يتلاءم مع سياسات بعض هذه الدول التي تسعى لإنهاء القضية الفلسطينية والتخلص من هذا «الهم»، كما أنها ليست على استعداد للدخول في خلاف مع الولايات المتحدة كرمى لعيون الفلسطينيين أو العرب. هو انعكاس لموقف وسياسة الولايات المتحدة.
■ كيف تفسّر الطلب الأمريكي بحصر ما سددته لـ«الاونروا» من حصتها بقطاع غزة والضفة الغربية والأردن، وحجبها عن فلسطينيي سوريا ولبنان؟
■ ربما هذا الموقف يأتي في سياق محاولات الضغط على لبنان إذا كانت مواقفه في اجتماعات الجامعة العربية والقمّة الإسلامية لم تُرض واشنطن. حرمان لبنان من الاستفادة من المنحة التي تدفعها الولايات المتحدة لـ»لأونروا»، هدفه الضغط على لبنان سواء على الصعيد السياسي المتعلق بالموضوع الفلسطيني أو على الصعيد السياسي العام، والذي ربما هناك اعتقاد أمريكي بأن لبنان يجنح أكثر فأكثر في اتجاه سياسات قريبة من المحور الإيراني، وبالتالي هناك توجه أمريكي للضغط على لبنان، مثل الضغوطات الأخرى التي يتعرض لها من خلال معاقبة «حزب الله» عبر فرض حصار مالي وغير مالي عليه، والذي سيؤثر على البلد بشكل أو بآخر، وإلا كيف لنا أن نبرّر معاملة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بشكل مختلف عن لاجئي الأردن، بالرغم من معرفة أن الدولة اللبنانية عاجزة عن القيام بأدنى واجباتها، وعن تأمين ما سيخسره الفلسطينيون في لبنان من دعم أمريكي لـ»لأونروا»؟
■ هل تتخوّف من انفجار اجتماعي في المخيمات نتيجة للقرار الأمريكي؟
■ أعتقد أن «الأونروا» ستستمر في تقديم خدماتها حتى نفاد الأموال، ولكن هل يمكن أن نتصوّر وجود 30 ألف طالب فلسطيني خارج المدارس؟ وكيف سيكون وضع آلاف الأسر الفلسطينية المُعدمة التي هي تحت خط الفقر، والتي تنتظر الإعانة الشهرية من «الأونروا»؟ هذا سيؤدي، حكماً، إلى حالة اعتراض قوية داخل المخيمات وربما إلى انفجار اجتماعي قد يهدد الاستقرار الداخلي. لبنان يجهد لحماية نفسه من عواصف المنطقة العاتية، فلماذا نخلق له مشكلة داخلية؟ ناهيك عن أن هذا يُشرّع الأبواب أمامهم لأنواع مختلفة من التطرّف، ويدفعهم للانخراط في هذه الحركات نتيجة حالة العوز التي يعانون منها.
الأولويات العربية تغيّرت
■ القرار الأمريكي الذي يأتي في سياق الضغط السياسي على الفلسطينيين بشكل أساسي للقبول بالحل الأمريكي المطروح هل جاء نتيجة انشغال الدول العربية بأزماتها وبمعركتها ضد إيران، بمعنى تغيّر الأولويات العربية؟
■ من الواضح أن الأولويات العربية قد تغيّرت، فبعدما كانت إسرائيل هي العدو الأول، احتلت إيران هذه المرتبة، وبالتالي بات الهمّ الأساسي عند العرب هو مواجهة إيران، ولو كان ذلك عن طريق غض الطرف عما ترتكبه إسرائيل، والتغاضي عن سياسات الولايات المتحدة الداعمة لها. رد الفعل العربي على قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل كان باهتاً على الصعيد الرسمي وحتى الشعبي أيضاً، وكأن القدس انتزعت من لبّ القضية الفلسطينية.
■ هل أُسقط في يد العرب؟
■ حقيقة لا يجوز أن يسقط موضوع القدس من يد أحد، لكن – مع الأسف – الأمور سائرة باتجاه آخر. نحن لا نريد أن نصدّق الروايات التي تشيّعها إسرائيل حول تسليم بعض العرب بهذا الموضوع، أو السكوت عنه، إنما من الواضح أن هناك أولويات عربية جديدة، وبالتالي لم تعد القضية الفلسطينية هي هدفهم الأول.
■ ألا ترى أن هناك مسؤولية مسيحية تجعل من تحرّك الغرب والكنيسة الكاثوليكية ضرورياً، على اعتبار أن القدس ليست مسؤولية عربية وإسلامية فقط؟
■ هي قضية فلسطينية عربية بالدرجة الأولى، وبعد ذلك يمكن اعتبارها قضية إسلامية ومسيحية ودولية، لكن إذا لم يحمل العرب والفلسطينيون لواء القدس باعتبارهم جزءاً من هذه الأمة، فلا داعي لتوجيه اللوم للآخرين.
■ بعد التغلغل الإيراني والتباهي بالسيطرة على 4 عواصم عربية، ألا ترى أنه من الواجب التحوّل إلى مواجهة هذا المدّ الذي وصل إلى قلب الدار كما يقولون، بعد أن كانت القدس لسنوات طويلة هي القضية العربية الأم؟
■ هذا الخطر لا يوازي الخطر الإسرائيلي. إسرائيل لديها مشروع استيطاني اقتلاعي، بشكل كامل، ومشروع هيمنة على المنطقة. الخطر الإسرائيلي بالسيادة على المنطقة، لا يهدد الفلسطينيين فقط بل المنطقة بأكملها. الخطر الإيراني قائم، لكنه لا يحمل صفة الديمومة، ومواجهته يجب ألا تحتل الأولوية، يجب أن تبقى القضية الفلسطينية في واجهة الصراع.
إيران لديها مشروع نفوذ وهيمنة
■ إذا استطاع الإيراني أن يرسّخ نفسه سيصبح «إسرائيل ثانية»… أليس من الخطأ اعتبار خطره مؤقتاً؟
■ الإيراني لا يملك مشروعاً استيطانياً اقتلاعياً داخل المنطقة، هو يملك مشروع نفوذ وهيمنة، والنفوذ كما نعرف يعيش مرحلة ومن ثم ينتهي. كل الدول الكبرى مارست هيمنتها لفترات، الأمبراطورية البريطانية التي كانت لا تغيب عنها الشمس، والأمبراطورية الفرنسية أين هما الآن؟ حتى الأمبراطورية الأمريكية تشهد تراجعاً ملحوظاً. إذن طبيعة المشروعين، الإسرائيلي والإيراني، مختلفة تماماً، وبالتالي يبقى الخطر الأساسي هو المشروع الإسرائيلي.
■ لنعد إلى موضوع التعداد الفلسطيني في لبنان وما رافقه من تشكيك بحقيقة أرقامه المتدنية… كيف ترد على هذا من خلال رئاستك للجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني؟
■ أنا أؤكد أن الرقم حقيقي. رقم 147 ألف هو نتيجة تعداد فعليّ وليس دراسة عينية تقديرية، هو نتيجة تعبئة استمارات مطوّلة وزيارات منزلية، خوّلتنا التعرّف على تفاصيل عيش الفلسطينيين وأحوالهم. هذا التعداد نفذه جهازان رسميان مسؤولان، وليس إحدى الجمعيات أو إحدى الشركات، هناك جهاز إحصاء مركزي لبناني، وجهاز إحصاء مركزي فلسطيني، والاثنان عندهما خبرات كبيرة. الجهاز المركزي الفلسطيني أنهى الشهر الماضي التعداد الجديد للفلسطينيين في الداخل الفلسطيني، فهل هناك مصداقية أعلى من هذه؟ نضيف إلى ذلك أن الذي يعرف المخيمات ويذهب إليها بشكل دائم يتلمّس فعلياً الحجم الحقيقي للوجود الفلسطيني، لا نريد أن نستخف بحركة الهجرة، عدا عن الهجرات الكبيرة التي ارتبطت بأوضاع سياسية كمرحلة خروج أبو عمار (ياسر عرفات) ومنظمة التحرير من بيروت، وحرب المخيمات، وإفرازات حرب مخيمات الشمال. لا نريد أن نتكلم فقط عن هذه الموجات الكبرى للهجرة. الهجرة لم تتوقف إلى اليوم. خلال التعداد الأول الذي يشمل المباني، والتعداد الثاني الذي يشمل السكان، لاحظنا في بعض المخيمات غياب أسر بأكملها، وعندما تتبّعنا الموضوع اكتشفنا أن هناك مكاتب هجرة موجودة في بيروت تسهّل هجرة الفلسطينيين، فزرناها واطلعنا على الوقائع عن كثب. هناك آلاف الأسر غادرت لبنان بحثاً عن دول تتوفر فيها شروط عيش أفضل. أرقام «الأونروا» هي أرقام سجلات تحفظ حق الفلسطينيين بالتعويض أو بالعودة، لكنها ليست سجلات لمن تبقى من الفلسطينيين. ولو كانت «الأونروا» تملك تلك الأرقام لما موّلت مشروع دراسة عينية لتتعرف على العدد المتبقي.
■ هل يسقط حق الأسر المهاجرة بالعودة؟
■ لا يسقط أبداً.
■ إذن من الممكن أن تعود هذه الأسر؟
■ هذه الأسر هاجرت منذ سنين طويلة واستقرت واندمجت في مجتمعات جديدة، وسجلات «الأونروا» التي تحفظ وجودها هي فقط ما يربطها بلبنان.
■ لكن السرعة في إنجاز التعداد كانت لافتة لأنظار المراقبين ما أفسح المجال للمشككين به؟
■ أولاً هذا التعداد احتاج لسنتين من التحضير، لوجستياً وإدارياً. وعملية اختيار وتدريب المندوبين والباحثين الميدانيين أخذت وقتاً طويلاً، بحيث تم اختيار حوالي 700 مندوب من بين 5000 متقدّم، كما أننا استخدمنا برامج «كومبيوتر» لاختزال الوقت. أما بالنسبة للتشكيك فهو ناجم عن جهل لواقع التعداد. أحدهم مثلاً قال إن منطقتي الناعمة وجدرا لم يشملهما التعداد، وهما تضمان أعداداً لا بأس بها من الفلسطينيين، لكن فعلياً لو اطلع على الكتيّب وعلى المناطق التي شملها التعداد لأعاد النظر بكلامه. هناك لائحة بـ156 قرية أو مدينة شملها التعداد ومن بينها الناعمة وجدرا. هذا ناتج عن عدم الإلمام بالعملية، أو لأسباب ذات طابع سياسي. البعض لديه مصلحة في بقاء العدد مرتفعاً لاستغلاله انتخابياً فهذا الموضوع «ربّيح».
تخفيف «التحريض»
■ هل كان لجهودكم دور في تخفيف هذا السجال السياسي الذي يمكن وصفه بـ«التحريضي»؟
■ هذا الحوار الذي دام سنتين عبر اجتماعات أسبوعية بين القوى السياسية اللبنانية، والذي انتهى بإصدار وثيقة بعنوان واضح هو «السعي لبلورة موقف لبناني موحّد تجاه قضايا اللجوء الفلسطيني»، لا شك أنه ساهم تدريجياً بتخفيف حدّة السجال والخلاف. هذا التباين لم ينتهِ ويحتاج لوقت طويل حتى تزول معالمه، لكن على الأقل هذه القوى السياسية المشاركة في هذا الحوار، متمسكة بنتائجه وبالرؤية الموحدة لمعالجة قضايا اللجوء الفلسطيني.
■ كيف للتعداد أن يُساعد؟
■ التعداد سيساعد على التعاطي بواقعية أكثر مع ملفات الفلسطينيين. عندما يتبين أن حجم القوة العاملة الفلسطينية لا يتجاوز الـ52 ألفاً، مخالفاً للتوقعات التي كانت تشير إلى أنه بحدود الـ150 ألفاً، وأن سوق العمل اللبناني قادر على استيعاب هذا العدد الموزّع على عشرات المهن، من المفترض أن تسهّل هذه الحقائق الأمور. لقد آن الأوان للدولة اللبنانية، بغض النظر عن «الأونروا»، أن تتعاطى بجدّية ومسؤولية مع الملف الفلسطيني.
■ هل تعتقد أنها ستتعاطى مع هذا الملف وفق استراتيجية الحل المتكامل التي وضعتموها؟
■ من المفترض أن تقوم القوى السياسية داخل مجلس الوزراء والبرلمان، وهما المؤسستان المعنيتان بإصدار التشريعات والقوانين والمراسيم، بالمساعدة على حلحلة موضوعات اللجوء الفلسطيني، خاصة وأن هذه القوى اطلعت على تفاصيل الوثيقة.
■ برأيك كيف يمكن مواجهة تداعيات الموقف الأمريكي؟
■ أعتقد أنه يجب التحرّك على مستوى الرئاسات الثلاث، ووزارة الخارجية بشكل خاص، لأنها المعنية بالتواصل مع الدول الأخرى، وأن تُمارس الضغوط على الولايات المتحدة لثنيها عن هذه الخطوة، كما على الدول العربية المساعدة أيضاً. «الأونروا» هي نتيجة قرار دولي لتأمين حاجات اللاجئين الفلسطينيين ولا يحق لدولة منفردة التحكّم بها، خاصة مع انسداد أفق الحل السياسي. المجتمع الدولي مسؤول عن قضيتهم ويجب أن يبقى كذلك حتى يتم إيجاد الحل.
برأيك كيف يمكن مواجهة تداعيات الموقف الأمريكي؟
■ هذا الموضوع من المفترض أن تتولاه الحكومة اللبنانية. عليها، من خلال موقعها ووزاراتها المعنية، أن تتحرّك بكل جدّية. الإصرار الأمريكي على عدم صرف هذه الأموال القليلة في الأساس، والمجتزأة من المساهمة الأمريكية هدفه واضح وهو الضغط على لبنان، لذلك يجب التحرّك الفعلي لأنه ليس للبنان القدرة على أن يكون بديلاً عن الأمم المتحدة التي تقع عليها مسؤولية اللاجئين الفلسطينيين.
زج المخيمات في صراعات المنطقة
■ ماذا عن إمكانية زج المخيمات الفلسطينية في صراعات المنطقة خاصة بعد كلام أمين عام حزب حسن الله نصر الله عن لقاءاته مع الأحزاب والفصائل الفلسطينية للتنسيق ووضع خطة مواجهة، وكلامه عن استراتيجية وتحالف عريض يبدأ من طهران وينتهي في غزة، متجاهلاً دور السلطات اللبنانية؟
■ اللبنانيون على مختلف تنوعاتهم السياسية وارتباطاتهم الخارجية، مدعوون ومعنيون بمواجهة هذه المشكلة. نحن نواجه تحدياً يجب عدم الاستخفاف به. ليس المطلوب أن يكون لبنان في موقع التحدّي أو الاستفزاز للآخرين، فهو يعاني من أزمة اقتصادية حادة، وبالتالي لا يستطيع تحمّل هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين والفلسطينيين، لذا على الجميع عدم دفع الأمور إلى مسارات أسوأ مما هي عليه الآن.
■ هل تتضمن خطتكم أن تكون هناك مرجعية واحدة لإدارة الشأن الفلسطيني؟
■ مشروعنا أن يتم إيجاد حلول لمشاكل اللاجئين الفلسطينيين بما يحفظ أولاً حقوق لبنان، وبما يؤكد على رفض التوطين بشكل قاطع. هؤلاء يقيمون عندنا لأمد غير معروف، عكس النازح السوري، لذا يجب تأمين متطلبات الحد الأدنى من العيش الكريم لهم، وبعض الحقوق المدنية، وفي هذا خدمة لنا أيضاً، لأنه يساهم بتوفير عنصر استقرار اقتصادي واجتماعي يساهم بشكل أساسي بالاستقرار الأمني، ويوفر لنا كدولة الشروط والمواصفات المطلوبة لرعاية حقوق الإنسان.
■ اليوم توجد سلطة فلسطينية بإمكانها إصدار جوازات سفر، هل إذا حصل الفلسطيني على هذا الجواز يعامل كأي أجنبي يقيم على الأرض اللبنانية؟
■لا إمكانية حالياً، هناك تصنيف للفلسطينيين خارج هذا الإطار. الفلسطينيون لا يعتبرون عرباً بالمعنى القانوني، وبالتالي لا يحق لهم التملك، ولا يعتبرون من الأجانب، هناك وضع خاص يحدد كيفية التعاطي معهم، لأن فلسطين لم تأخذ صفة الدولة الكاملة لغاية الآن.
■ هناك من يقول إنه حتى السلطة الفلسطينية لا تستطيع تحمّل عواقب القرار الأمريكي بشأن القدس، وبالتالي قد نكون على أبواب انتفاضة ثالثة… هل ترى هذا المشهد على الساحة الفلسطينية؟
■ كل هذه الضغوط التي تُمارس على الفلسطينيين، سواء داخل فلسطين أو خارجها، يمكن أن تُثمر انتفاضة ثالثة، وربما تكون في مكانها الصحيح للردّ على كل هذه التحديات والتجاوزات.
وهو يرى بوضوح أن الأولويات العربية قد تغيّرت، وأنه بعدما كانت إسرائيل هي العدو الأول، احتلت إيران هذه المرتبة، لكنه في المقابل لا يعتبر مطلقاً أن المشروعين الإيراني والإسرائيلي يحملان الخطر نفسه، إذ أن المشروع الإيراتي هو مشروع هيمنة ونفوذ، لا بد له من أن ينتهي يوماً، فيما المشروع الإسرائيلي هو مشروع استيطاني اقتلاعي داخل المنطقة.